مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة الأربعون: هل خلق الله أفعال العباد؟]

صفحة 475 - الجزء 1

  ونصرهم فقهروا بنصره، ثم قال فيما من به على المؤمنين ويعلمهم ما صنع بهم مما لم يصنعه بغيرهم فقال: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}⁣[الفتح: ٤]، وقال أيضاً: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا}⁣[الفتح: ٢٦]، فلم يرض لهم ما زعمتم بما جعل من الاستطاعة حتى جاءهم من أمره وعونه سوى ذلك، وقوله لرسوله: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ٧٤ إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ٧٥}⁣[الإسراء]، وقوله لأصحاب الكهف: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ١٣ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ١٤}⁣[الكهف]، فلم يرض لهؤلاء ما جعل فيهم من الاستطاعة التي زعمتم أنها حجة على خلقه، وأنه يحتج عليهم بما أخذوا⁣(⁣١) أمره وركبوا معصيته حتى أتاهم من أمره ما بلغوا به ما يشاء من رحمته وهداه. وكذلك هو يفعل ما يشاء سبحانه وبحمده يضل من يشاء ولا يسأل عما يفعل والخلق يسألون.

[المسألة الأربعون: هل خلق الله أفعال العباد؟]

  وإن قالوا: أخبرونا عن الأعمال، أمخلوقة هي أم غير مخلوقة؟ فأنتم تزعمون أن الله خلقها؟ فإن قالوا: كيف نسبها الله إلى خلقه وجعلهم الذين عملوا وتكلموا؟ فقولوا: ألا ترون أن الله ø قد قال: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا}⁣[النحل: ٨٠]، وقال: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ}⁣[النحل: ٨١]، وأنتم تعلمون أن الناس هم الذين غزلوا ونسجوا السرابيل وعملوا الدروع،


(١) أي: تناولوا.