مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[جواب المسألة التاسعة والثلاثين]

صفحة 477 - الجزء 1

  فإن قالوا: فإن لم يكونوا مجبورين ولا مكرهين فهل يستطيعون ترك الشرك وقبول الهدى؟ فقل: لا، إلا أن يشاء الله.

  فإن قالوا: فكيف لا يكونون مجبورين، ولا يستطيعون أن يتركوا شركهم؟ فقل: كذلك الله يفعل ما يشاء، يهدي من يشاء ويضل من يشاء، فلا مضل لمن هدى ولا هادي لمن يضل.

  تمت مسائل الحسن بن محمد كلها.

[جواب المسألة التاسعة والثلاثين]

  وأما ما سأل عنه من قول الله ø: {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}⁣[البقرة: ٨٧]، وقوله للمؤمنين: {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ١٤}⁣[الصف]، وقوله: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}⁣[الفتح: ٤]، وقوله: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا}⁣[الفتح: ٢٦]، فكذلك الله أحكم الحاكمين آتى نبيه ÷ بينات كل أمر، وأيده بروح القدس والنصر، وكذلك أيد عباده المؤمنين على أعدائه الفاسقين، وذلك من الله فواجب للمطيعين.

  ألا تسمع كيف يقول: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ}⁣[الحج: ٤٠]، وقوله: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ٧}⁣[محمد]، وقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ١٧}⁣[محمد]، فكل من آمن [بالله]⁣(⁣١) واتقى فقد استوجب من الله الزيادة بالنصر والهدى، وذلك من الله للمؤمنين فعطاء وجزاء، فكل من آمن بالله وأطاعه في أمره وجاهد أعداءه فقد ذكر الله سبحانه أنه يجازيه على ذلك بما ذكر فيما سأل عنه في هذه الآيات من التفضيل بالمعونات.


(١) زيادة من (ط).