[جواب المسألة الحادية والأربعين]
  الله عليه، ذو المعرفة بالله والإيمان(١).
  فلا يشك مميز عاقل ولا ينكر ما قلنا به جاهل، من أن الخلق يكره بعضهم بعضاً على القول والفعل لما لا يحب ولا يرضى، وإن كان ضمير القلوب مخالفاً للكلام، وهذا فموجود في لغة جميع الأنام، فأما علم الضمير فلا يطلع عليه إلا الواحد القدير.
  ثم قال: إن معنى قوله سبحانه وجل عن كل شأن شأنه: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ٨٣}[آل عمران] هو: جبر منه لهم على إسلامهم، وإخراج لهم من ضلالهم وكفرانهم بالجبر والتحويل والقسر، واحتج في ذلك بقول الله سبحانه: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} فلا تأويل معنى الإسلام من الخلق أصاب، ولا في معنى ما ذكر الله ø من التحبيب والتكريه أجاب.
  وإنما معنى قول الله سبحانه: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} هو: المعرفة به والإقرار بربوبيته، وأنه الخالق غير مخلوق، والرازق غير مرزوق، كما قال سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ٦١}[العنكبوت]، فهذا معنى ما أراد الله - والله أعلم - بقوله: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}؛ لأن الإسلام يخرج في اللغة على معنيين: فأحدهما الإقرار بفعل الفاعل، والتسليم له، وترك المكابرة له في فعله، والمعاندة له بالإنكار لما يحدث من صنعه.
  والمعنى الثاني: فهو الاستسلام لأمر الآمر، والإنفاذ لما حكم به والانقياد
= بالطيب المطيب»، وقال: «عمار جلدة بين عيني وأنفي» وقال: «تقتلك الفئة الباغية»، وقال: «ويح عمار يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار». استشهد مع أمير المؤمنين # بصفين، سنة سبع وثلاثين - رضوان الله وسلامه ورحمته عليه - وكان من خلّص أصحابه ومحبيه. (لوامع الأنوار ج ٣).
(١) في (ج، هـ، و): والإيقان.