مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة الثالثة والأربعون: هل يثيب الله عباده على ما أجبروا عليه؟]

صفحة 491 - الجزء 1

  وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ٦}⁣[التحريم]، وفي ذلك ما يقول سبحانه ويحكي عن المبطلين بما قالوا في الله رب العالمين حين يقول: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ٢٦ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ٢٧}⁣[الأنبياء]، فوجدناه تبارك وتعالى يذكر الاجتهاد منهم له عنهم، فقلنا فيهم بما قاله ربنا وربهم، فتعالى أصدق الصادقين عن مقالة الفسقة الجاهلين.

  ومن الدليل على معرفة إحقاقهم⁣(⁣١) والوقوف على محض فعلهم واجتهادهم تولي الله لهم ومعاداته لمن عاداهم، ألا تسمع كيف يقول الواحد ذو الجلال والطول: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ٩٨}⁣[البقرة]، فذكر سبحانه وجل عن كل شأن شأنه أنه عدو لمن عاداهم، وإذا صحت العداوة والمقاضاة⁣(⁣٢) منه لمن ناصاهم فقد ثبتت منه الولاية بلا شك لمن والاهم، ألا تسمع كيف جعل من عاداهم فاجراً؟ وسماه في واضح التنزيل كافراً؟ حين يقول في آخر الآية عن أن يحويه قول أو يناله: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ٩٨} ولن يوالي أبداً من كان في أمره مقصراً، ولن يشهد بالوفاء لمن كان عنده سبحانه غادراً، فبهذا ومثله من تنزيله مما قد ذكره وبينه في وحيه وقيله شهدنا للملائكة المقربين بالاجتهاد في الطاعة لرب العالمين.

[المسألة الثالثة والأربعون: هل يثيب الله عباده على ما أجبروا عليه؟]

  ثم قال تغليظاً لمن كان معه على رأيه من أهل الجهالة وذوي الحيرة والتكمّه والضلالة: نسأل من أثبت في الخلق الاستطاعة فيقال لهم: هل يثيب الله خلقه على ما عملوا من الطاعة مما لم يجعل لهم السبيل إلى تركه؟ [ثم قال]⁣(⁣٣): وهل يعاقبهم على ما عملوا به من معصيته؟


(١) في (ط): حقائقهم.

(٢) في (هـ): والمناصاة.

(٣) ساقط من (هـ).