مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب إثبات النبوة

صفحة 495 - الجزء 1

  نبوة نبيي فقد أقررت لكم بنبوته حين اضطررت إلى ذلك، فهو نبيكم ورسولكم وليس إلينا برسول.

  قيل له: بل هو رسول إليك وإلى آبائك من قبل بإقرارك لا بإنكارك، فقد أقررت بذلك ولزمك من حيث ثبتت عليك الحجة في الإقرار بنبوته، وإن كنت لم تعقل ذلك ولم تفهمه ولم يحط به عقلك فتعلمه.

  فإن قال: ومن أين حكمت علي بذلك، وجعلتني في الحكم كذلك؟ أبن لي بذلك قولاً صواباً، وأزح لي به شكاً في قلبي وارتياباً.

  قيل له: ألست قد أقررت بأنه رسول الله ونبيه؟ فلا تجد بداً أن تقول: نعم. فيقال له: هل يجوز على الأنبياء À أن تأتي بشيء من أنفسها ثم تزعم أنه من الله دونها، وفي ذلك ما لا يخفى عليك من الكذب على الله، وحاشا لرسل الله À من ذلك. فلا يجد بداً من أن يقول: لا يجوز ذلك في الأنبياء À والرسل.

  فإذا قال ذلك قيل له: أفليس القرآن الذي جاء به محمد من الله، وذكر أنه من الله [هو من الله]⁣(⁣١)؟ فلا يجد بداً أن يقول: نعم، هو قرآن بعث به إليكم دوننا.

  فإذا قال ذلك، قيل: قد أقررت بنبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وأقررت بالكتاب الذي جاء به أنه حق من الله، فقد وجدنا في هذا الكتاب تصديق إرسال محمد إليكم.

  فإن قال: وأين ذلك؟

  قيل له: هو قول الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ٨ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ٩}⁣[الفتح]، وقوله: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ١٥٨}⁣[الأعراف]،


(١) ما بين المعقوفين: غير موجود في (ب، هـ).