مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الدليل على نبوة محمد ÷]

صفحة 499 - الجزء 1

  قيل له: الدلائل على ذلك الأخبار المتواترة التي لا يجوز على مثلها الشك عن قوم مفترقي الديار بعيدي الهمم، مختلفي التجارات والصناعات والألسن والألوان. نعلم أن مثلهم لا يجوز عليهم الاجتماع والتواطؤ، فلما أجمعوا ينقلون هذا الخبر علمنا عند خبرهم إذ جاء هذا المجي أنه حق وصدق؛ لأنه لو جاز على مثل ما ذكرنا التواطؤ⁣(⁣١) لكنا لا ندري لعلنا إذا دخلنا مثل البصرة والكوفة أو بعض هذه الأمصار التي لم ندخلها فقيل لنا: هذه مكة، هذه الكوفة، وهي المدينة - أنهم قد كذبوا، وأن أهل البلد قد تواطأوا على أن يخبرونا بخلاف ذلك.

  فإن قلت: لا يجوز لأهل بلد واحد أن يتواطأوا ويجتمعوا على شيء واحد.

  قلنا: وكذلك لا يجوز أن يكون من خبرنا عن نبينا محمد # أنه فعل كذا وجاء بكذا، وأخبر عن كذا، أن يكونوا كذبوا؛ لاختلاف أجناسهم وبعد هممهم.

  فإن كان السائل يهودياً فارجع عليه فقل: بم صح عندك نبوة موسى؟ فإنه يقول بالأعلام التي جاء بها التي يعجز الخلائق عن مثلها.

  قيل له: وبم علمت أنه جاء بالأعلام؟

  فإن قال: بإخبار من خالفنا، فلما أن أجمعتم معنا والنصارى معكم مع خلافكم لنا علمنا أن مقالنا كما قلنا، وأن خبرنا حق.

  قلنا له: فأخبرنا عن أسلافكم الذين كانوا قبل أن تكونوا إذ كانت النصارى لم تُصِحّ لكم نبوة موسى؟

  فإن قال: بلى.

  قيل: وبم ولم؟ وليس هناك مسلمون ولا نصارى يجمعون معك، وزعمت أنه لا يصح الخبر إلا بإجماع من خالفك.


(١) في هامش (أ، و، د) أي: التواطؤ على الكذب.