[في استحقاق الأئمة للإمامة]
  في هذه الأشياء فقد كمل(١) في التأدية عن الله لفرائضه المسموعة في كل معنى، فلذلك قلنا: إن حسن التأدية بلطائف التعبير، وحسن الاستماع للسامعين في التأدية والتفسير أكبر أعلام الإمامة، وأدل الدلائل على الحكمة التي يؤتيها الله أولياءه؛ لأن من آتاه الله الحكمة فهو عند الله من أهل الولاية والمحبة، ومن تولاه الله وأحبه فهو آهَلُ الناس من الله بالإمامة وأولاهم منه سبحانه بالكرامة.
  فمن كان كذلك من ولد رسول الله ÷ فهو الإمام المفترض الطاعة الذي لا يجوز لأحد خذلانه، ولا يسع رفضه، ولا يؤمن بالله خاذله، ولا يوقن بالوعد والوعيد تاركه.
  فافهم يا بني هداك الله ما شرحنا لك من أعلام النبوة ودلائلها وأعلام الأوصياء ودلائلها، وأعلام الأئمة ودلائلها، التي تدل على عقد الله الإمامة لمن عقدها لهم، والحكم منه سبحانه بها فيهم، فقد شرحت ذلك لك شرحاً مجملاً، وفسرت لك بعض ما تحتاج إليه تفسيراً كاملاً، فلا تلتفت إلى غير ما قلنا من أقاويل الهراجين(٢)، وتعبث العباثين، وزخاريف كلام المتكلمين، وافتراق أقاويل الجاهلين، ممن يقول: إن الإمامة بإجماع الرعية، [وقول من يقول: بل هي لما يوجد من الآثار المروية في الملاحم المذكورة](٣)، وقول من يقول: هي بالوارثة لولد بعد والد، لا يلتفتون ويلهم لما تستحق به الإمامة من البينات، والشواهد النيرات، همج رعاع، وللجهال أتباع، لم يقتدوا بالحكمة فيعلموا بما به تحق الإمامة لصاحبها على الأمة، قد جعلوا الحكم بها وفيها لغير من حكم الله، وجعلوا الحكم بها إلى غير الله، فركبوا من ذلك مركباً وعراً، واكتسبوا به في الآخرة ناراً وعاراً، اعتمدوا في أكبر أمور الله وفرضه من الإمامة على التقليد،
(١) في (أ، ب): أكمل.
(٢) في (هـ): الهزاجين.
(٣) ما بين المعقوفين سقط من (ب، ج، هـ).