[ذكر شروط النظر]
[ذكر شروط النظر]
  فواجب على كل بالغ عاقل أن ينظر في نجاته، ولن ينتفع ناظر بنظره إلا بسلامة قلبه من الزيغ، وطهارته من الهوى، وبراءته من إلف العادة التي عليها جرى، والقصد بإرادته ونيته إلى العدل والنَّصَفة، وإعطائه كل أمر من الأمور بقسطه، والحكم عليه بقدره، وأخذ نفسه بالوظائف المؤدية له إلى النجاة، وحراسة قلبه من الأمور المسلمة له إلى الضلال، والحائلة بينه وبين حسن الاصطفاء، واختيار(١) الصواب وترك التقليد، ويكون طالباً لقيام الحجة، لازماً لمنازل القرآن متمسكاً به، مؤثراً له على ما سواه، ملتمساً للهدى فيه، فلن يعدم الهدى من قَصَدَ قَصْدَه؛ لأن الله جل ذكره ضمن لمن اتبع هداه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.
  فبمثل هذه الشروط يستنير(٢) البرهان، ويُسْتَشَفُّ الغامض من الصواب، ويستبين(٣) دقائق العلوم، ويهجم على مباشرة اليقين بربه، فيهتك الشكوك عن قلبه، يُؤَيَّدُ بنيته، ويصعد في درجات اليقين بربه، أولئك أهل العقول الراجحة، والفطر الصحيحة، والآراء السليمة، وأولئك بقية الله في خلقه، وخيرته من عباده، وخلصاؤه من بريته، وأوتاد أرضه، ومعادن دينه.
(١) في (ب، ج): وإصابة.
(٢) في (هـ): يستبان.
(٣) في (هـ): وتستبان.