تثبيت إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~
  مني بمنزلة هارون من موسى»؛ لقول الله: {شَاهِدٌ مِنْهُ}، فلما قال رسول الله #: «علي مني [بمنزلة هارون من موسى](١)» وقال الله: {شَاهِدٌ مِنْهُ} كان رسول الله من علي وعلي منه، بقول الله وبقول رسوله #، كرهنا أو أحببنا، شئنا ذلك أو أبينا، لا ننظر في ذلك إلى قول محب مريد، ولا نلتفت إلى قول مبغض مكابر عنيد، ولا نأخذ في ذلك بتصديق محب، ولا ننظر أيضاً في تكذيب مبغض؛ لأن الله سبحانه قد حكم في ذلك بما حكم، واختار سبحانه ما اختار، فقال تبارك وتعالى في كتابه المنزل على نبيئه المرسل: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}[القصص: ٦٨]، ثم قال: {سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ٦٨}[القصص]، [فحكم الله على من اختار سوى خيرته بالشرك لقوله ø: {سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ٦٨}](٢) فنسمع الله قد اختار علياً بعد محمد لقول الله: {شَاهِدٌ مِنْهُ} ولقول الرسول ÷: «علي مني» وذلك لعلم الله تبارك وتعالى في علي؛ لأن علياً سبق الخلق إلى الله وإلى رسوله، لا يشك في ذلك عاقل، ولا ينازع فيه [إلا](٣) جاهل؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ١٠ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ١١ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ١٢}[الواقعة]، فلما [أن](٤) شهد الله تبارك وتعالى للسابق بالجنة - أجمع الخلق أن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أسبق الخلق إلى الله وإلى رسوله، فشهدنا لعلي بن أبي طالب بما شهد الله له به ورسوله، لا باختيارنا بل من أصل آذاننا، {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ٢٩}[الكهف]،
(١) زيادة من (هـ).
(٢) ما بين المعقوفين سقط من (ب، هـ).
(٣) زيادة من (د).
(٤) زيادة من (ب، هـ).