مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ذكر خطايا الأنبياء $ مما سأله إبراهيم بن المحسن العلوي رحمة الله عليه

صفحة 519 - الجزء 1

  قلت: فهل أمرت الجن كلها بالسجود أم خص الله إبليس بذلك دونهم؟

  قال: لم يأمر الله سبحانه أحداً منهم إلا إبليس فقد أمره الله بالسجود دونهم.

  قلت: أفمخصوص كان بذلك دونهم؟

  قال: نعم كان مخصوصاً بالأمر.

  قلت: فعصيان آدم ~ في أكل الشجرة كيف كان ذلك منه أتعمداً⁣(⁣١) أم نسياناً؟

  فقال: قد أعلمك الله في كتابه من قوله: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ١١٥}⁣[طه]، يقول: لم نجد له عزماً على أكلها واعتمادها بعينها.

  ولكن سلني فقل لي: فإذا كان آدم في أكل الشجرة ناسياً كيف وجبت عليه العقوبة، وقد أجمعت الأمة على أنه إذا نسي الرجل فشرب في رمضان وهو ناس، أو أكل وهو ناس أو ترك صلاة حتى يخرج وقتها وهو ناس، أو جامع امرأته في طمثها وهو ناس - لم يجب عليه في ذلك عقوبة عند الله، فكيف يجب على آدم ~ العقوبة في أكل الشجرة ناسياً؟

  فإن سألتني عن ذلك قلت لك: إنما عوقب آدم ~ في استعجاله في أكل الشجرة، وذلك أن الله تبارك⁣(⁣٢) وتعالى لما نهاه عن أكل الشجرة وهي البر وأمره بالشعير ولم يحظره عليه، فكان يأكل من شجرة الشعير وهي ورق ولم تحمل ثمراً، فلما صار فيها الحب والثمر أشكل عليه أمرها فلم يدر أيهما نهي عنه، فأتاه اللعين بخدعه وغروره فقاسمه على ما ذكر الله في كتابه فقال: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ٢٠}⁣[الأعراف]، فاستعجل آدم فأكل من الشجرة، ولم ينتظر الوحي في ذلك من عند الله،


(١) في (ب، ج، هـ): تعمداً.

(٢) في (ب، هـ): سبحانه.