مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[قصة آدم عليه الصلاة والسلام]

صفحة 520 - الجزء 1

  فعوقب في استعجاله في أكلها، وقلة صبره لانتظار أمر ربه.

  قلت: فكيف [كان]⁣(⁣١) كلام إبليس وخدعه إياه؟ هل كان تصور له جسماً ورآه عياناً؟

  فقال: إنما سمع آدم كلامه ولم يره جسماً، وقد رويت في ذلك رواياتٌ كَذَبَ فيها من رواها، وكيف يقدر مخلوق أن يخلق نفسه على غير مُرَكَّبِ خلقه وفِطرة جاعله، هذا ما لا يثبت ولا يصح عند من عقل وعرف الحق.

  قلت: فقد كان محمد [النبي]⁣(⁣٢) ÷ يخاطب جبريل ويعاينه على عظيم خلقه وجسيم مُرَكَّبه؟

  قال: إنما كان جبريل # ينزل على محمد ÷ في⁣(⁣٣) صورة لطيفة يقدر على رؤيتها وعيانها، وصح عندنا أن النبي محمداً ÷ رأى جبريل في صورة دحية الكلبي⁣(⁣٤)، وإنما ذلك خلق أحدثه الله فيه وركبه عليه؛ لما علم من ضعف البشر، وأنهم لا يقدرون على النظر إلى خلق الملائكة؛ لعظيم خلقهم وجسيم مركبهم، فلما علم الله تبارك وتعالى من محمد ÷ ذلك - ولم يكن جبريل # يقدر على تحويل صورته ومركبه من حال إلى حال؛ لضعف المخلوقين وعجزهم عن ذلك - نقله الله سبحانه على الحالة التي رآه محمد ÷ فيها؛ نظراً منه سبحانه لنبيه ÷، وما فعله الله فليس من فعل خلقه، فلك في هذا كفاية إن شاء الله.

  قلت: فهل كان آدم صلى الله عليه طمع في الخلود لما قاسمه إبليس على النصح؟


(١) (كان) سقط من (ب، هـ).

(٢) (النبي) سقط من (ب، هـ).

(٣) في (ب، هـ): على.

(٤) هو دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخزرج، أسلم قديماً ولم يشهد بدراً، بعثه النبي ÷ بكتابه إلى قيصر سنة سبع من الهجرة، وتوفي في عهد معاوية بن أبي سفيان. (من الطبقات الكبرى لابن سعد بتصرف).