مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[قصة آدم عليه الصلاة والسلام]

صفحة 521 - الجزء 1

  قال: إنما كان ذلك منه صلى الله عليه طمعاً أن يبقى لطاعة الله ولعبادته، فأراد أن يزداد بذلك قربة من ربه.

  قلت: فما معنى قوله: {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا}⁣[طه: ١٢١]؟

  قال: معنى قوله: {بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} فهو سوء فعلهما، لا كما يقول من جهل العلم وقال بالمحال: إن الله كشف عورة نبيه وهتكه، وكيف يجوز ذلك على الله في أنبيائه، والله لا يحب أن يكشف عورة كافر به، فكيف يكشف عورة نبيه؟!

  قلت: فقوله: {يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا}⁣[الأعراف: ٢٧]؟

  فقال: قد اختلف في ذلك، ورويت فيه روايات، وأصح ما في ذلك عندنا، والذي بلغنا عن نبينا ÷ أن لباسهما هو لباس التقوى والإيمان، لا ما يقول به الجاهلون من أنه لباس ثياب، أو ورق من ورق الشجر فهذا معنى قوله: {يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا} وإنما أراد بذلك من قوله «لباسهما» أي لباس التقوى بما سول ووسوس لهما من الكذب والمقاسمة التي سمعها منه.

  قلت: فقوله: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}⁣[الأعراف: ٢٢]؟

  قال: إنما كانا في الجنة في ظلها وتحت أشجارها، فلما خرجا⁣(⁣١) منها وأصابتهما الشمس بحرها ورمض الأرض، فأرادا أن يجعلا لهما موضعاً يكون لهما فيه ظلال كما يفعله من خرج من منزله في سفر ونيته إلى غيره من البوادي وغيرها، فلا يجد ظلاً ولا مسكناً، فلا يجد بداً من أن يعرش عريشاً، يكنه ويستره من الحر ويقيه من شدة البرد، فهذا معنى قوله: «يخصفان».

  قلت: فالجنة التي كانا فيها أفي السماء كانت أم في الأرض؟

  قال: هي جنة من جنان الدنيا، والعرب تسمي ما كان ذا أثمار وأنهار جنة.

  قلت: فقوله: {اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا}⁣[البقرة: ٣٨]؟


(١) في (ب، هـ): أُخرجا.