مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[قصة سليمان عليه الصلاة والسلام]

صفحة 522 - الجزء 1

  قال: ذلك جائز في لغة العرب، ألا ترى أنك تقول: هبطنا نجران، وهبطنا اليمن، ونريد أن نهبط الحجاز، فلما كان ذلك معروفاً في اللغة جاز أن يقول: اهبطوا منها.

  وسألته عن قول الله تبارك وتعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ}⁣[البقرة: ٣٧]، ما الكلمات التي تلقاها آدم من ربه؟

  قال: قد اختلف فيها، والصحيح عندنا أن الكلمات هو ما كان الله تبارك وتعالى قد أعلمه بخلق من سيخلقه من ذرية آدم ونسله، وأنه سيكون منهم مطيع ومنهم عاص باختيارهم، وأنه سبحانه يقبل التوبة من تائبهم إذا تاب وأصلح وأخلص التوبة وراجع، فلما كان منه ما كان من أكل الشجرة ذكر ما كان الله قد أعلمه من القبول للتوبة، فقالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ٢٣}⁣[الأعراف]، فهذه الكلمات التي تلقاها آدم من ربه ~.

[قصة سليمان عليه الصلاة والسلام]

  وسألته عن قول الله سبحانه: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ٣٤}⁣[ص]؟

  فقال: معنى قوله: {فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} يقول: امتحناه. وإنما كان ذلك من أجل ما سألتْهُ ملكة سبأ من طلبها حين طلبت منه قرباناً تقرب به على ما كانت تفعل في قديم أفعالها، فسألته صلى الله عليه أن يأذن لها في بقرة فلم يجبها، ثم سألته شاة فكره ذلك عليها، ثم طيراً فأعلمها أن ذلك لا يحل لها، فوقعت في صدرها جرادة فقالت: فهذه الجرادة إئذن لي فيها؛ فتوهم وظن أنها مما لا إثم عليها فيها؛ إذ كانت مما لا تقع عليه ذكاة، فسكت ولم يمنعها عن ذلك، فقطعت رأس الجرادة وأضمرت أنها قربان.

  فلما خرج صلى الله عليه يريد أن يتطهر على جانب البحر نزع خاتمه من يده وكان لا يتطهر حتى ينزع الخاتم من يده - وهذا الواجب على كل متطهر إذا أراد