مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[قصة يونس عليه الصلاة والسلام]

صفحة 524 - الجزء 1

  بلده فأمر الريح فاحتملته من ساعته إلى موضعه وهرب اللعين العفريت لما رآه، وقال بعض الرواة: إنه كان حبسه.

  ورد الله على نبيه ملكه، ورجع إليه ما كان الله قد أعطاه، فدعا الطير والريح والجن فأجابته ودامت نعمته.

  قلت: فالجسد⁣(⁣١) الذي ألقي على كرسيه، هل كان جسماً يظهر ويرى؟

  قال: لا، إنما كان الذي يظهر إليهم منه ما يسمعون من كلامه، وكان مستتراً عنهم، فكانوا يظنون أنه سليمان، وإنما احتجب عنهم لسبب أمر⁣(⁣٢) أمره الله به، أو فعل فعله من نفسه، ولو ظهر لهم لبان أمره عندهم، ولكن تمكن منهم بالتمويه عليهم والمكر لهم.

  قلت: فهل نال من الحُرَم منالاً أو وصل إليهم بسبب من الأسباب؟

  قال: معاذ الله أن يكون نال شيئاً من ذلك أو فعله، غير الذي شرحته لك من كلامه فقط.

[قصة يونس عليه الصلاة والسلام]

  وسألته عن قول الله سبحانه: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}⁣[الأنبياء: ٨٧]؟

  فقال: أما ذو النون: فهو يونس، والنون: فهو الحوت. وأما قوله: {إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} فإنما كان ذهابه غضباً على قومه، واستعجالاً منه دون أمر ربه، لا كما يقول الجهلة الكاذبون على أنبيائه ورسله À من قولهم: إن يونس خرج مغاضباً لربه، وليس يجوز ذلك على أنبياء الله À، وإنما كان ذلك كما ذكرت لك من غضبه على قومه ومفارقته لهم، واستعجاله دون أمر ربه، وهو قوله لمحمد ÷: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ٤٨}⁣[القلم]،


(١) في (ب، هـ): فما الجسد.

(٢) في (ج): ما. وفي (هـ): فإنما احتجب عنهم بسبب أمره الله به.