[قصة يونس عليه الصلاة والسلام]
  وهو يونس، يقول: لا تعجل كعجلته، واصبر لأمري وطاعتي ولا تستعجل كاستعجاله. فهذا معنى قوله: {إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} وهو قوله: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} أراد بذلك من قوله: «فظن» أي: أفظن أن لن نقدر عليه؟ وهذا على معنى الاستفهام، ولم يكن ظن ذلك صلى الله عليه، وهذا مما احتججنا به في الألف التي تطرحها العرب وهي تحتاج إلى إثباتها، وتثبتها(١) في موضع وإن لم تحتج إليها، مثل قوله: {لَا أُقْسِمُ} وإنما معناها: ألا أقسم(٢)، وقوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}[البقرة: ١٨٤]، فطرح الألف(٣) وهو يريدها، ومن ذلك قول الشاعر:
  نزلتم منزل الأضياف منا ... فعجلنا القرى أن تشتمونا
  وإنما أراد: ألا تشتمونا. فطرح الألف، ومثل هذا كثير في الكتاب، وهو حروف الصفات.
  فلما صار يونس في السفينة وركب أهلها واستقلت بهم وطابت الريح لهم - أرسل الله حوتاً فحبس السفينة، فعلم القوم عند احتباسها أنها لم تحبس بهم إلا بأمر من الله قد نزل بهم، فتشاور القوم بينهم وتراجعوا القول في أمرهم وما قد نزل بهم وأشفقوا، فقال لهم يونس: يا قوم أنا صاحب المعصية، وبسببي حبست بكم السفينة، فإن أمكنكم أن تخرجوني إلى الساحل فافعلوا، وإن لم يمكنكم ذلك فألقوني في البحر وامضوا.
(١) لعل الأمثلة على الشطر الأول من كلامه.
(٢) في (ب، ج): أقسم.
(٣) عبارته كما في الأحكام بعد ذكره البيت واستشهاده به على ما ذكر هنا، فطرح اللام وهو يريدها، أي: مع الألف وهي أرجح هنا، ولعله غلط من الناسخ فليتأمل، والله أعلم. مؤيدي من هامش (د). أما ما في الأحكام المطبوع فهو: فطرح لا وهو يريدها.
(*) وفي هامش (أ): فطرح لا.