مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[قصة يوسف عليه الصلاة والسلام]

صفحة 529 - الجزء 1

  وتميط عنه الأذى، وجعل يشرب منها ويخرج ما في جوفه من العلة حتى نقي بدنه ورجع إلى أفضل ما كان عليه أولاً، ورد الله عليه أهله وماله وأمره أن يأخذ ضغثاً فيضرب المرأة كفارة اليمين التي حلف.

  فقال بعض الرواة: إنه أخذ من هذا الذي يكون فيه التمر، فجمع منه مائة غصن فضربها ضربة، وقال بعضهم: إنه ضربها [به]⁣(⁣١) ضربتين، واختلف في ذلك، غير أن الصحيح من ذلك أنه قد جمعاً ضغثاً فضربها به.

  قلت: فإبليس كيف كان إتيانه إلى أيوب صلى الله عليه؟

  قال: لم يره عياناً، وإنما سمع كلامه ولم ير شخصه، وقد قال بعض الجهلة: إنه تصور له في صورة غير صورته، وليس ذلك كما قالوا، وكيف يقدر مخلوق أن يغير خلقته ويحول نفسه صوراً مختلفة؟ وليس يقدر على ذلك إلا الله رب العالمين، الذي خلق الصور والأجسام، ونقلها من حال إلى حال، فسبحان الله رب العرش عما يصفون، ولا إله إلا هو الرحمن الرحيم.

[قصة يوسف عليه الصلاة والسلام]

  وسألته عن قول الله سبحانه في يوسف صلى الله عليه من قوله: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}⁣[يوسف: ٢٤]، كيف كان همها به وكيف هم بها؟

  فقال: كان همها هي هم شهوة ومراودة، وكان همه هو بها هم طباع النفس والتركيب؛ ألا ترى أنك إذا رأيت شيئاً حسناً أعجبك وحسن في عينك، وإن لم تهم به لتظلمه وتأخذه غصباً من أهله، وكذلك إذا رأيت طعاماً طيباً، أو لباساً حسناً أعجبك، وتمنيت أن يكون لك مثله، وأنت لا تريد بإعجابك به أخذه، ولا أكله إلا على أحل ما يكون وأطيبه، ولم ترد بقولك إنك تأكله أو تلبسه أو تنكحه إلا حلالاً؟ قلت: بلى.


(١) زيادة من (أ).