[قصة يوسف عليه الصلاة والسلام]
  قال: فكذلك كان هم يوسف صلى الله عليه في زوجة الملك.
  قلت: قد سمعنا بعض الرواة يذكر أنه منع يوسف # من إتيانها أنه رأى يعقوب صلى الله عليه كأنه يزجره عنها ويخوفه.
  قال: قد قيل فيه شبيه من ذلك، وليس القول فيه كذلك، وحاشا لله أن ينسب ذلك إلى نبيء(١) الله.
  قلت: فقد كان يروى لنا ذلك بين الملأ، ويتحدث به في المساجد.
  قال: قد ذكر ذلك جل الله وتعالى عن كل ما يقول فيه الملحدون، وينسب إليه الضالون، وليس قولهم هذا في أنبياء الله وروايتهم الكاذبة عليهم بأعظم من كذبهم وجرأتهم على الله، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً، ألا ترى كيف شبهوه بالأشياء من خلقه، وجعلوه جسماً ذا أعضاء وأجزاء مختلفة، فتعالى عن ذلك من ليس كمثله شيء.
  ولقد ناظرت رجلاً ممن ينتحل التشبيه فألزمته أن يقول: إن الله مخلوق أو ينفي عنه التشبيه، فاختار أن يجعله مخلوقاً، وكره أن ينفي عنه التشبيه، فهذا أعظم الأمور وأقبح الأقاويل كلها.
  قلت: فالبرهان الذي رآه يوسف صلى الله عليه ما هو؟
  قال: هو ما جعل الله فيه من علمه، وخصه به من المعرفة به والخوف في علانيته وسره، وإنما كان ذلك ابتداء منها ومراودة له على نفسه، كان من قولها له: أن يا يوسف إن لم تأتني أتيت أنا إليك، فقال: معاذ الله من ذلك، فقامت فأرخت ستراً كان على باب البيت، وكان في البيت صنم لها تعبده من الذهب له عينان من ياقوتتين حمراوين، فكانت تستحسنه وتبعده.
  فقال لها يوسف صلى الله عليه: لم أرخيتِ هذا الستر؟ فقالت: إني خفت أن
(١) في (ب، ج، هـ): نبيء من أنبياء الله.