[طلب إبراهيم عليه الصلاة والسلام]
[طلب إبراهيم عليه الصلاة والسلام]
  وسألته عن قول إبراهيم ~: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة: ٢٦٠]، قال: إنما أراد بذلك صلى الله عليه أرني آية أزداد بها علماً وبصيرة، وأعرف سرعة الإجابة لي منك، حتى يثبت ذلك عندي، ويقر في قلبي معرفة من ذلك، فأمره الله سبحانه أن يأخذ أربعة من الطير، وأن يجعل على كل جبل منهن جزأً، ثم أمره أن يدعوهن ليريه من عجيب قدرته وشواهد حكمته ما يزداد به معرفة في دينه، ويثبت عنده علم ما يسأل عنه من آيات ربه، فأراه الله ذلك، فازداد بصيرة وإيقاناً ومعرفة وبياناً.
[طلب موسى عليه الصلاة والسلام]
  وسألته عن قول موسى صلى الله عليه: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}[الأعراف: ١٤٣]؟
  قال: معنى قوله: {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} فهو: أرني آية من عظيم آياتك أنظر بها إلى قدرتك وأزداد بها بصيرة في عظمتك وقدرتك، فقال: {لَنْ تَرَانِي}[الأعراف: ١٤٣]، يقول: لن تقدر على نظر شيء من عظيم الآيات التي لو رأيتها لضعف جسمك ولطف مركبك، ولأهلكتك ولما قدرت على النظر إليها لعجزك وضعف مركبك، {وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى} هذا {الْجَبَلِ} الذي هو أعظم منك خلقاً وأكبر منك جسماً؛ {فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ} إذا أريته بعض ما سألتني أن أريكه {فَسَوْفَ تَرَانِي}، يقول: فسوف ترى ما سألت من عظيم الآية، ولن تقدر على ذلك أبداً ولا تقوم له أصلاً.
  {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} معنى «تجلى»: أي أظهر آيته وأبان قدرته {جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} يقول: مغشياً ميتاً لما رأى من الهول العظيم الذي لا يقدر على رؤيته لعجزه وضعفه.
  وإن كان الذي أظهره الله [وأبانه](١) [وأتى به](٢) من لطيف آياته فجاز أن
(١) (وأبانه) في (ب، ج، هـ).
(٢) (وأتى به) في (أ، د).