مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[آيات موسى التسع]

صفحة 535 - الجزء 1

  يقول: تجلى ربه لها لما كان ذلك من فعله وتدبيره، وأمره وإرادته وهو كقوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ}⁣[البقرة: ٢١٠]، يقول: تأتيهم الآيات، وما يريد أن يحل بهم من العذاب والنقم والآفات.

  وقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}⁣[القيامة]، فمعنى قوله: «ناضرة» يقول: نضرة مشرقة حسنة، وهذا معروف في اللغة والبيان، تقول العرب للرجل إذا أرادت له خيراً: نضر الله وجهك.

  وقوله: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣} أي: ناظرة لثوابه وما يأتيهم من خيره وفوائده، ومن ذلك ما يقول العرب: قد نظر الله إلينا، وقد نظر الله إلى بني فلان - إذا أصابهم الخصب بعد الجدب، والرخاء بعد الشدة، وإنما أراد بذلك أن الله قد رحمهم وأتاهم بالنعمة.

  فلما أفاق موسى صلى الله عليه قال: {سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ١٤٣}⁣[الأعراف]، يقول: لو ابتليتني وأريتني وأظهرت لي من بعض ما سألتك مما أهلكت به الجبال الراسية لما قام بها جسمي، ولأهلكتني بقليلها ولما احتمل ذلك لطيف خلقي وضعف مركبي، أنظر إلى عظيم ما ذهبت به الجبال الراسية، فلك الحمد على ما صرفت عني من ذلك رحمة منك بي، وتفضلاً علي وزيادة وإحساناً إلي. فهذا معنى قوله: {أَنْظُرْ إِلَيْكَ} لا ما ذهب إليه من جهل وزعم أن الله يُرى سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً، كيف وهو يقول في كتابه: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}⁣[الأنعام].

[آيات موسى التسع]

  وسألته عن قول الله سبحانه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}⁣[الإسراء: ١٠١]، ما الآيات التي آتاه الله تعالى؟

  فقال: العصا التي تلقف ما يأفكون.

  ومنها: اليد البيضاء، وهو قوله: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ}⁣[النمل: ١٢].