[الرجل لا يستطيع الهجرة مخافة التلف]
[الرجل لا يستطيع الهجرة مخافة التلف]
  وسألته عن رجل ساكن في بلدة وقد تولى أمر البلد سلطان ظالم، والسلطان يقتضي منه جباية من غير طيب(١) من نفسه وهو يخاف إن خرج من البلد على نفسه التلف؟
  الجواب في ذلك: إن كانت مخافته على نفسه مخافة أن يجوع في الأرض أو يعرى أو يتلف إذا خرج من تلك البلدة - فليس هذا له بعذر؛ لأن الله ø يرزقه في بلده وغيرها، وإن كان يخاف أن يظفر به سلطان بلده فيقتله إن خرج ولم يكن له حيلة في الانسلال عنه وكان لا محالة واقعاً في يده إن خرج - فله في ذلك العذر إلى أن يأتيه الله ø بفرج، وإن قدر وأمكنه أن لا يعمل عملاً يأخذ منه فيه السلطان فليفعل.
[تفسير قوله تعالى: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ...}]
  وسألته عن قول الله سبحانه: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ}[آل عمران: ٢٦]؟ والملك هاهنا الذي يؤتيه من يشاء فهو: جبايات الدنيا وأموالها، والذين يشاء أن يؤتيه(٢) إياهم فهم الأنبياء ثم الأئمة من بعدهم، والذين يشاء أن ينزعه منهم فهم أعداؤه من جبابرة أرضه.
  ومعنى {تُؤْتِي الْمُلْكَ}: فهو الحكم بالملك لهم À، فمن حكم الله له بالنبوة أو بالإمامة حكماً، وأوجب له الطاعة على الأمة باستحقاقه لذلك الموضع إيجاباً، فقد آتاه الملك؛ لأن الملك هو الأمر والنهي، والجبايات والأموال التي تقبض التي بها قوام العساكر، واتخاذ الخيل والرجال والسلاح من جميع أداة الملك، فمن أجاز الله له قبض جبايات الأرض وإقامة أحكامها وحدودها،
(١) في (أ): طيبة.
(٢) في (ب، هـ): يؤتيها.