[حفظ الله لكتابه]
  وكذلك يعارضه في كل فرايض القرآن.
  فإذا عارضه معارض بهذا القول لم يكن له بد أن يدفعه بها، صغرت أو كبرت؛ لأنه قد أجابه، وأجمع معه على أن القرآن قد ذهب بعضه، بل عامته في زعمه، ولو كان القرآن كذلك لكان الناس كلهم قادرين على ادعاء ما أحبوا أن يدَّعوا من ذلك، ولبطلت فرائض الله وحدوده، ولم يقم لله حد على عباده؛ لأن ما قال من ذلك - لو كان - يدرأ الحد؛ لقول رسول الله ÷: «ادرأوا الحدود بالشبهات» وهذا القول الفاسد المحال الكاذب المضل الضال فلو أجاب إليه المسلمون قائله أو جاز أن يقول به المؤمنين لوجب عليهم وعلى إمامهم أن يأتوا بناسخه ومنسوخه وجميع ما ذهب منه، وإلا فلم يجب لهم على كل ذي حدٍ يد؛ لأن كل ذي حدٍ وجب عليه في شيء أحدثه يزعم ويدعي أن حكم الله بالأدب في ذلك منسوخ، ويقول إنه لا يحد بهذا الحد في هذا الجرم، وإن حده غير هذا الحد الذي في هذه البقية بزعم من يزعم أن القرآن ناقص، ويقول: هلموا ما ذهب منه فاتلوه، فإن لم تجدوا فيه ما ينسخ هذا فحدوني، وإن وجدتم فيه ما أدعي فخلوني.
  فتعالى الله عما يقول فيه المبطلون علواً كبيراً، والحمد لله رب العالمين كثيراً، الحافظ لكتابه، المانع له من كل خطأ وزلل أو ذهاب أو نقصان.
[حفظ الله لكتابه]
  وكيف يذهب من القرآن قليل أو كثير وهو حجج الواحد اللطيف الخبير، وفيه فرائضه على الخلق سبحانه، فقد حفظ ومنع من كل شأن من الشأن، فيا ويل من قال بنقصان الفرقان، أما سمع قول الواحد الرحمن: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ٢١ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ٢٢}[البروج]، فأخبر أن القرآن عنده محفوظ له ﷻ، وفيه ما يقول: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ٤١ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢}[فصلت]، ويقول سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ