كتاب تفسير معاني السنة والرد على من زعم أنها من رسول الله ÷
  الأصول المنزلة التي جاءت في كتاب الله سبحانه مجملة، فقلنا:
  إن رسول الله # لم يكن ليخترع أمراً دون الله سبحانه، وإنه كما قال ÷ حين يقول: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ}[يونس: ١٥]، وكما قال # حين يقول: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ٨٦}[ص]، ونقول: إن الله سبحانه لم يكل شيئاً من ذلك إلى نبيه يبتدعه ولا يشرعه ولا يفرضه ولا يثبته؛ إذاً لقد كلفه شططاً من أمره، وألزمه مَعْوِزَاً(١) من فعله، بل القول في ذلك المبين، والحق البين(٢) اليقين أن الله سبحانه وجل عن كل شأن شأنه أصّل(٣) أصول فرائضه في الكتاب المبين، ونزله على خاتم النبيين فجعل في كتابه أصول كل ما افترضه من الدين، وبينه لجميع العالمين، فكانت أصول الدين في الكتاب كلها، وجاءت الفصول مفصولة، والفروع المفرعة إلى النبي # من الله ذي الجلال والإكرام على لسان الملك الكريم جبريل الروح الأمين، فنزل بشرائع الدين وتفريع أصول القرآن المبين على محمد ÷، كما نزل # بالأصول إليه، وكان نزوله بالفروع مفرَّعة، كنزوله بالأصول المجملة المجتمعة، وأدى جبريل الروح الأمين إلى محمد خاتم النبيئين فروع شرائع الدين، عن الله رب العالمين، كما أدى مجملات أصول القرآن المبين.
  والسبب في تفريق ذلك من الله، فنظرٌ من الله لبريته، وعائدة على خلقه، ولطف في فعله وصنعه، وتقوية لمن أراد حفظ كتابه، وجعل(٤) ما نزل من وحيه وبيانه، فخفف عنهم في الكتاب، وأعانهم بذلك في كل الأسباب، ففرق بين الأصول المؤصلة والفروع المفرعة، فجعل الأصول في الكتاب مجملة جاء بها
(١) عَوِزَ الأمر: اشتد وعسر وضاق. معجم وسيط، فيكون المعنى: وألزمه عسيراً من أمره.
(٢) في (ب): النيّر.
(٣) في (ب): أنزل.
(٤) في هامش (أ، د): جهل مظنناً، وكأنها الأنسب للسياق.