مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[ذكر أن جبريل # أتى بتفصيل الصلاة والزكاة وغيرهما كما أتى بالقرآن]

صفحة 555 - الجزء 1

  الواحد الرحمن ما يجب في الأموال، وما يؤخذ من أهلها في كل حال، وما يجب على المالك الموسر، وفي كم تسقط عن المالك المعسر، وكم هي وكيف هي؟ حتى سنن أسنان مواشيها، فجعلها سناً سناً في عدد معروف معلوم، وكذلك فيما يكال ويوزن من الوزن والكيل المفهوم.

  وكذلك قال تبارك وتعالى في الديات فقال: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ١٧٨}⁣[البقرة: ١٧٨]، فقال سبحانه: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ} فقال: {عُفِيَ} يريد: عُفي عن القتل إلى الدية، ثم أمر بأداء الدية إلى من عفا إذا قبل الدية وأرادها، ثم قال سبحانه في موضع آخر: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}⁣[النساء: ٩٢]، في قتل الخطأ، فأوجب الدية، وقال في موضع آخر: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}⁣[المائدة: ٤٥]، فجعل في جروح العمد القصاص كما جعل القود في قتل العمد، وجعل الديات في جروح الخطأ، فأنزل ذكر ذلك في الكتاب مجملاً، ولم يجعله مشروحاً مفسراً، ثم بينه على لسان نبيه وفسره، وجعل الدية ألف مثقال في أهل الذهب، وعشرة آلاف درهم قفلة في أهل الدراهم، وجعلها ألفي شاة في أهل الغنم، وجعلها مائتي بقرة في أهل البقر، ومائة من الإبل في أهل الإبل، ثم سننها وبينها على لسان نبيه #.

  ثم لم يكن من رسول الله ÷ في ذلك شيء إلا البيان والأداء عن الله بإحسان.

  وكذلك جميع الفرائض والمواريث، ففسر منها في كتابه ما فسر، وفسر على لسان نبيئه باقي ذلك، وكذلك في جميع أحكام الحلال والحرام، فكل ما قال رسول الله ÷ إنه حلال لا يجوز تحريمه، أو قال إنه حرام لا يجوز تحليله، وكل ما أوقف الأمة عليه وجعله فرضاً عليها مفروضاً لم يجز لها تعديه، ولم يطلق