مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[من الاحتجاج على أن السنة بوحي الله]

صفحة 561 - الجزء 1

  ذلك أو كثر، تطلب بلوغ جزع المؤدب، والإبلاغ منه بما ترى فيه من الصلاح له.

  والوجه الرابع: فهو اللمم الذي ذكر الله، وهو: فعل لا يجب فيه الحد لله ولا لرسوله، ولا للأئمة أدب. واللمم: فهو ما ألم به صاحبه من غير تعمد ولا اعتقاد، ولا هم ولا عزم بمثل النظر عن غير تعمد، والمزاحمة للمرأة عن غير قصد، وما أشبه ذلك مما لم يتقدم له ذكر في ذلك على فاعله، ولم يقصد به اجتراء على خالقه ولا تعمداً لإتيان معصية، ولا استحلال محرمة، فهذا معنى اللمم الذي ذكر الله سبحانه.

  ومن الحجة على من زعم أن رسول الله ÷ فرّع من ذاته شيئاً من الفرائض المحكمات أو شرَّع من ذاته شيئاً من الأحكام المشروعات أن يقال له: خبرنا عن فعل الله هل هو فعل نبيه؟ وعن فعل نبيه هل هو فعله؟ فمن أصل قوله - إذا كان موحداً وبالله إذا كان عارفاً - أن يقول: لا. ثم يقول: فعل الله خلاف فعل محمد، وفعل محمد ÷ خلاف فعل الله ø.

  فيقال له حينئذ: ألا ترى أن هذا الذي ذكرت أن محمداً فرعه وشرعه وفصله، وأمر العباد بفعله، هو فعل لمحمد؟

  فإذا قال: نعم، قيل له: أفليس فعل محمد خلاف فعل الله؟

  فإذا قال: نعم، قيل له: فمحمد إذاً هو المفترض للفرائض على الأمة دون الله؛ إذ كان فعل محمد خلاف فعل الله، ومحمد إذاً لو كان ذلك كذلك كان المعبود بأداء فرائضه دون الله؛ إذ الفرض من محمد لا من الله.

  فلا يجد بداً - إن كان بالله عارفاً وله موحداً - من أن يرد جميع ما تعبد به الأمة إلى الله ø، ويزعم ويقول ويعتقد أنه من الله، حتى يصح له القول بأن المسلمين عبدوا الله لا غيره، ويثبت الفعل في فرض المفروضات لله لا لغير الله؛