[من الاحتجاج على أن السنة بوحي الله]
  لأن العبادة من العابدين لم تصح إلا بأداء الفرائض لمن افترضها، فمن ثبتت(١) له الشرائع والتفريع والتبيين ثبت له الفرائض، ومن ثبت له الافتراض للمفروضات ثبتت له العبادة في كل الحالات، من العابدين وهم المؤدون للفرائض المحكمة والشرائع المثبتة التي لا تصح لهم عبادة إلا بأدائها، ولا ديانة إلا بإقامتها، فهذه حجة على من عرف الله بالغة كاملة بينة نيرة، تبين لمن أفكر فيها، وتصح لمن تدبر معانيها، والحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين.
  ومن الحجة على من قال إن رسول الله ÷ كما يقول المبطلون: [من](٢) أنه لو فرّع الفروع من نفسه وأوجبها على الأمة دون ربه لكان المتعبد لنفسه بالفرض(٣) الذي أوجبه عليها وفرعه لها؛ لأنه ÷ أول العابدين وأخلص المخلصين وأقوم القائمين بهذه الفرائض المفروضات والفروع المفرعات، فهو قائم بها عابد لمن فرضها بإقامته لحدودها، فالفارض لها هو المعبود دون غيره، فتبارك الله رب العالمين، الذي فرض فرائضه على جميع المربوبين الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين وجميع الثقلين.
  وفي تبري رسول الله ÷ من التكلف لشيء من فروع أحكام الله ø وفرضه وما جعل من برهانه ودينه ما يقول الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي}[الأعراف: ٢٠٣].
  فإن قال قائل: ما معنى قول من يقول: «سنة»؟ وما معنى دعاء من دعا إلى الكتاب والسنة؟
  قيل له: معنى الدعاء إلى ذلك هو الدعاء إلى الأصول المؤصلة والجمل المجملة، والآيات المنزلة، وإلى الفروع المفرعة، والأحكام المحكمة، والشرائع
(١) في (ب): ثبت.
(٢) زيادة من (د).
(٣) في (ب): بالفرع.