مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[من الاحتجاج على أن السنة بوحي الله]

صفحة 563 - الجزء 1

  المبينة، والطاعات المفترضة.

  والكتاب فهو جزء من وحي الله وأحكامه، وسنته جزء آخر من وحي الله وتبيانه، فسمى الوحي الذي فيه أصول المحكمات من الأمهات المنزلات قرآناً؛ لأنه جعل الأصول⁣(⁣١) إماماً وقواماً، وللفروع المفرعات أصولا وتبياناً، وسمى الجزء الثاني من وحي الله ø وفرائضه سنة وبرهاناً، فكان ما يتلى في آناء الليل والنهار أحق بأن يسمى قرآناً؛ لما فيه من واجب التلاوات، وما يتعبد به المتعبدون من الدراسات، وكان ما فسر به المجملات مما بين به المتشابهات من الفروع المبينات أولى بأسماء السنة في الباين من اللغات؛ لأن معنى السنة هو التبيين للموجبات للحجة، لقول العرب: سن فلان سنة، تريد بين أمراً وشرع خيراً، وجعل شيئاً يستن به فيه، ومعنى: يستن به أن⁣(⁣٢) يقتدى به فيه ويحتذى، وكذلك وعلى ذلك يخرج معنى قول القائل: سن رسول الله ÷ كذا وكذا، يريد: أظهر وبين ما جاء به من عند الله.

  والسنة فهي: الأحكام المبينة، والفرائض المفصلة، فهي لله سبحانه ومنه، لا من رسول الله ~ وآله ولا عنه، وليس له فيها فعل غير التبليغ والأداء والنصيحة والإبلاء، والسنة فهي سنة الله ø، وإنما نسبت إلى رسول الله ÷ على مجاز الكلام؛ إذ هو المبلغ لها والآتي عن الله سبحانه بها، كما يقال للقرآن: كتاب محمد، وكما يقال للإنجيل: كتاب عيسى، وكما يقال للتوراة كتاب موسى، قال الله سبحانه في ذلك وما كان من الأمر كذلك: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا}⁣[الأحقاف: ١٢]، فسماه كتاب موسى ونسبه إليه، وإنما هو كتاب الله ø الذي نزل على موسى، وكذلك مجرى السنة في قول القائل: سنة رسول الله ÷،


(١) هكذا في المخطوطات: وفوقها: (للأصول) مظنن.

(٢) في (ب، هـ): أي.