مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[من الاحتجاج على أن السنة بوحي الله]

صفحة 564 - الجزء 1

  يريد: سنة الله، ومعنى سنة الله: فهو فرض الله وحكمه وتبيانه لدينه وعزمه، قال الله : {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ٨٥}⁣[غافر]، يريد سبحانه بقوله: {سُنَّةَ اللَّهِ} أي: ذكر الله وفعله وصنعه في خلقه وأمره.

  ومن قال: سنة رسول الله ÷ يريد بها غير ما ذكرنا من المعنى أو توهم في ذلك أنه شيء من رسول الله ÷ لا من الله - فقد جهل أمر الله وحرّف معاني تأويل قول الله، ونسب البهتان إلى رسول الله ÷، وقال بأفحش القول في الله سبحانه وفيه.

  والسنة فلم تعارض الكتاب أبداً بإبطال لحكم من أحكامه، ولا أمر من أمره، ولا نهي من نهيه، ولا إزاحة شيء من خبره، ولا رد شيء من منسوخه، ولا نسخ شيء من مثبته، ولا إحكام شيء من متشابهه، ولا تغيير شيء من محكمه، بل السنة محكمة لكل أمر من الأحكام الموصلة المبينة للمعاني المفصلة، مفرعة للمحكمات المتبينة عن التأويلات، يشهد لها محكم الكتاب، وتنبي عنها جميع الأسباب أنها من الله رب الأرباب.

  وما روي عن رسول الله ÷ من الفروع التي جاءته عن الله ø وتبارك وتعالى حتى يقال: إنها من السنة فلم يشهد له الكتاب ولم يوجد فيه ذكرها مفصلاً أو مجملاً موصلاً ثابتاً فليس هو من الله، وما لم يكن من الله فلم يقله رسول الله ÷، وما لم يقله رسول الله ÷ ويحكه عن الله فهو ضد السنة لا منها، وما لم يكن منها لم يجز في دين الله أن ينسب إليها.

  وآيات الكتاب هي الأمهات لشرائع سننه المفرعات، والأمهات فهي المحكمات، وإليهن ترد المفصلات، ومن الشواهد لما جاء من الروايات مما حكي من السنن المبينات، وفي ذلك ما يقول رسول الله ÷: «سيكذب علي كما كذب على الأنبياء من قبلي، فما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما