مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[من الاحتجاج على أن السنة بوحي الله]

صفحة 565 - الجزء 1

  وافق كتاب الله فهو مني وأنا قلته، وما خالف كتاب الله فليس مني ولم أقله»⁣(⁣١) يريد ÷ أن ما وافق الكتاب مما روي عنه من الأحكام ومن شرائع الإسلام فإنه منه أخذ، وأنه جاء به عن الله، وما خالف الكتاب فليس من السنة التي جاء بها عن الله؛ لأن جميع الوحي الذي جاء عن الله سبحانه من السنة والقرآن فهما شيئان متشابهان متفقان لا يتضادان أبداً ولا يفترقان.

  وليس ما كان من رسول الله ÷ من فعل أو اختيار جاء به عن نفسه منسوباً إلى الله، ولا عنه ولا مشابهاً لشيء من أحكام السنن، بل قد كان رسول الله ÷ إذا رأى رأياً وفعل فعلاً مما ليس هو فيه مخالف لسنة ولا لكتاب بين ذلك عن نفسه وأخبر أنه ليس من ربه، مثل ما كان منه ~ وآله في الجد الذي لقيه في الجحفة راجعاً من حجة الوداع فقال: يا رسول الله إن ابن ابني مات فما لي من ماله؟ فقال #: «لك السدس».

  فلما أن أبعد الشيخ رق عليه رسول الله ÷ ورحمه لما بان له من ضعفه وقلة حيلته وكبر سنه، فرده رسول الله ÷ فقال: «لك السدس الآخر»، فلما أن مضى الشيخ وأبعد رده رسول الله ÷ ثانية فقال: «إن السدس الثاني مني طعمة لك».

  فبين رسول الله ÷ ما كان منه وبين ما كان من الله، فلما أن قال: «السدس الثاني طعمة مني» علمنا أن السدس الأول حكم من الله، فبين ÷ فعله من فعل الله ø؛ لئلا يقع على الأمة تخليط في دين الله، ولأن يبين لها أحكام ربها وفعله؛ لكيلا يكون لها عليه في شيء من الدين حجة.

  وكذلك كان # يفعل في كل ما كان منه من تأديب أمته، وأفعاله فيها وسياسته لها، يبين فعله من فعل الله، ويخبر بما جاء به عن الله، وكذلك ما كان من فعله وكراهيته من حمل الحمير على الخيل، وذلك قوله لعلي رحمة الله وصلواته


(١) للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # كتاب حول هذا الحديث تحت عنوان: (فصل الخطاب في تفسير خبر العرض على الكتاب) ضمن كتابه مجمع الفوائد.