مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[من الاحتجاج على أن السنة بوحي الله]

صفحة 566 - الجزء 1

  عليهما حين قال: (مِمَ تكون هذه البغال)؟ فقال: «يحمل الحمار على الفرس فيخرج من بينهما بغل» فقال ÷: «إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون» أو قال: «الذين لا يعقلون»، فكره ÷ أن تحمل الأشكال إلا على أشكالها، أو أن تخلى الفحول إلا على أمثالها، فكان هذا منه كراهية واختياراً، ولم يكن هذا شيئاً مما أتاه من الواحد الجبار.

  ومثل هذا مما كان من رأيه وفعله، ولم يأته في كتاب الله ولا في سنته مما كان يستحبه ويفعله، من نوافل صلاته، وتعبده من بعد الفرائض المفروضات، لما كان يتعبد من النوافل المعروفات، اللواتي كن منه اختياراً وعبادة، يطلب بذلك من الله الفضيلة والزيادة، كان ذلك منه ÷ استحساناً لنفسه، ولم يكن فرضاً من الله لا يسع تركه، ولا يجب على من تركه الكفر بربه؛ لأن بين الفرض وغيره من النوافل فرقاً بيناً وفضلاً نيراً، فكثير يعلمه العلماء، ويفهمه الفهماء ليس بلازم واجب على المتعبدين؛ إذ لم يكن فريضة من الله رب العالمين إن أخذ به آخذ فقد أخذ بركة ويمناً واتبع فضلاً ورشداً، وإن تركه تارك من غير زهد فيه، ولا قلة معرفة بفضله، ولا استخفاف لحق فاعله، ولا اطراحاً لرأي صانعه، ولا مضادة له في فعله، لم يكن بتركه له في دين الله فاجراً ولا بعهد رسول الله ~ وآله وسلم غادراً.

  فافهم هديت ما به في السنة قلنا، وأحسن الفكر والتمييز فيما منها⁣(⁣١) شرحنا، تبن بذلك إن شاء الله من الجهال وتبعد بمعرفته من اسم الضلال، وتسلم بحول الله من قول المحال، والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطيبين وسلم كثيراً.

  تم كتاب السنة ولله المنة


(١) في (أ، ب، د): منهما.