[السبب في عدم افتراق آل محمد وعدم ضلالهم]
  ومتشابهه، ونظر في ذلك كله بقلب فَهِمٍ سالم من الجهل، بري من الخطل، بعيد من الزلل، ثم وردت عليه مسألة استدرك علمها ساعة ترد عليه إما بآية ناطقة أو شريعة باسقة(١)، تنطق له بالحكم فيما ورد عليه، وتبين له ما يحتاج من ذلك إليه، أو بقياس يصح من السنة، ويثبت في الآيات المحكمة، وتشهد له الشرائع المشروعة؛ بكون هذا القياس فرعاً من فروع الحق ثابتاً، ونوراً شاهداً على ما فيه من الصدق.
  فيكون القياس ممن علم ما قلنا، وتفرع فيما ذكرنا، وفهم ما شرحنا - قياساً واحداً؛ إذ كان له ذلك أصلاً مؤصلاً، تخرج هذا القياس وتبينه، وتشرعه وتوضحه وتدل عليه وتفرعه، حججُ الله التي في الصدور المركبة؛ للتمييز بين الأمور من هذه العقول المجعولة لما ذكرنا، المركبة لما شرحنا من التمييز بين الباطل والحق، والفرق بين البر والفسق.
  فإذا علم الحاكم ما يحتاج إليه من الأصول والفروع لم يخرج كل ما يرد عليه من أن يكون حكمه وقياسه في أصول الكتاب وفروع السنة؛ إما شيئاً ناطقاً قائماً قد حكم به المجمل المؤصل وبينه الفرع المفصل، فيحكم فيه بحكمهما، ويحتذي العالم فيه بوحيهما.
  فإن عدم لفظ ما يأتي من الحكم والفتيا من أن يكون في المجمل أو المفصل منصوصاً مفسراً - لم يعدم قياسه والدليل عليه، حتى يقف بالمثل على مثله، ويعرف الشكل في ذلك بشكله، ويقيس ما أتى من ذلك على أصله؛ لأن أصل كل حق وهدى وقياس كل حكم أبداً ففي الكتاب والسنة موجود(٢)، يستخرجه العالم بعقله، ويستدل على قياسه بمركب لبه، حتى يبين(٣) له نوره
(١) في (أ، ب، د): ناسقة.
(٢) إما مبتدأ مؤخر، أو خبر (إن).
(٣) في (ب، هـ): يتبين.