[فيمن يجوز منه القياس ومن لا يجوز منه]
  الأرض في أرضه ومعرفته بما غرس من شجره. والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، وسلام على المرسلين.
  ثم اعلم أيها السائل أن كل قياس جاء مخالفاً للكتاب أو جاء الكتاب له مخالفاً حتى يكون كل واحد منهما ضداً للآخر فلا يصح هذا القياس أبداً، ولا يثبت معه تأويل ولا هدى؛ لأنه [جاء](١) مخالف للأصول، ولم يكن - ولله الحمد - ثابتاً في الفصول، وفي ذلك ومثله، وما كان من شكله ما يقول رسول الله ÷: «إنه سيكذب علي كما كذب على الأنبياء من قبلي، فما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فهو مني وأنا قلته، وما خالف كتاب الله فليس مني ولم أقله»، فجعل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الكتاب إماماً لكل ما روي عنه، أو قيل إنه منه، يعرض عليه فإن جاء مثله علم أنه من قوله، وإن جاء مضاداً لشيء منه، علم أنه ليس عنه.
  فهذا في الآثار المذكورة عن الرسول، فكيف فيما سواها من القياس الذي يتعاطاه ويطلبه بعض الناس، فلعمري لا يصح من قياسهم ولا يجوز من مقالهم إلا ما يشهد له الكتاب والسنة، وكانت الموافقة لهما منه نيرة بينة، فعند موافقة القياس للكتاب يصح القياس في الألباب، وعند مخالفة القياس للكتاب يبطل ويفسد في جميع الأسباب. فليفهم من كان ذا فهم ما به في القياس قلنا، وما منه أجزنا، وما منه دفعنا وأبطلنا.
[فيمن يجوز منه القياس ومن لا يجوز منه]
  والقياس فلا يجوز أبداً ولا يكون أصلاً بحيلة من الحيل، ولا يمكن أن يتناوله متناول، ولا يطول إليه متطاول، ولا يطمع به طامع - إلا من بعد إحكام أصول العلم بالكتاب والوقوف على ما فيه من جميع الأسباب: من الحلال
(١) زيادة من (ب، هـ).