مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[صحة قياس أئمة أهل البيت $ لأنهم أعلم الخلق بالكتاب والسنة]

صفحة 579 - الجزء 1

  كل يقين، ومنه ~ تفرعت العلوم المعلومة، وثبتت أصول الأحكام المفهومة، ومنه ومن ذريته نيلت العلوم الفاصلة، وبلغت الأصول الفاضلة.

  فمن عِلمهم À تفرعت الأحكام، ومن بحر فهمهم استقى جميع الأنام، فهم أصل الدين، وشرائع الحق المستبين، فكل علم نيل أو كسب فمن فضل علمهم اُكتسب، وكل حُكْم حقٍّ به حُكِم فمن حُكْم حقهم عُلم، فهم أمناء الله على حقه، والوسيلة بينه وبين خلقه، المبلغون للرسالات، الآتون من الله سبحانه بالدلالات، المثبتون على الأمة حججه البالغة، المسبغون بذلك على الأمة للنعم السابغة، لا يجهل فضلهم إلا جهول معاند، ولا ينكر حقهم إلا معطل جاحد، ولا ينازعهم معرفة ما به أتوا عن الله إلا ظلوم، ولا يكابرهم فيما أدوه إلى الأمة عن الله إلا غشوم؛ لأنهم أهل الرسالة المبلغة، والآتون من الله سبحانه بالحجة البالغة، الذين افترض الله على الأمة تصديقهم، وأمروا باتباعهم، ونهوا عن مخالفتهم، وحُضّوا على الاقتباس من علمهم.

  ألا تسمع كيف يقول الرحمن فيما نزل من النور والبرهان، حين يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٤٣}⁣[النحل]، فأمرت الأمة بسؤالهم عند جهلها، والاقتباس منهم لمفروض علمها، ثم قال سبحانه: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ٨٣}⁣[النساء]، فأخبر سبحانه أنهم لو ردوا ما يجهلون علمه ولا ينالون فهمه إلى الله بالتسليم له في حكمه، وإلى الرسول في معلوم علمه، وإلى الأئمة من عترته فيما التبس من ملتبسه، واشتبه على الأمة من متشابهه؛ لوجدوه عند الله في كتابه مثبتاً، وفي سنة رسول الله التي جاء بها من الله مبيناً، وعند الأئمة من عترته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ نيراً بيناً.

  ثم أخبر سبحانه أنه لولا فضل الله على الخلق بإظهار من أظهر لهم من خيرته، وتولية من ولّى عليهم من صفوته، إذاً لاتبعوا الشيطان في إغوائه،