مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[منهج آل رسول الله الذين أمرنا باتباعهم]

صفحة 586 - الجزء 1

  فأما أحدهما: فمن طريق النسيان للشيء بعد الشي، والغلط في الرواية والنقل، وهذا أمر يسير حقير قليل، يرجع الناسي منهم عن نسيانه إلى القول⁣(⁣١) الثابت المذكر⁣(⁣٢) له عند الملاقاة والمناظرة.

  والمعنى الثاني: فهو أكبر الأمرين وأعظمهما وأجلهما خطراً وأصعبهما، وهو أن يكون بعض من يؤثر عنه العلم تعلم من غير علم آبائه، واقتبس علمه من غير أجداده، ولم يستنر بنور الحكمة من علمهم، ولم⁣(⁣٣) يستضيء عند إظلام الأقاويل بنورهم، ولم يعتمد عند تشابه الأمور على فقههم، بل جنب منهم⁣(⁣٤) إلى غيرهم، واقتبس ما هو في يده من علمه من أضدادهم، فصار علمه لعلم غيرهم مشابهاً، وصار قوله لقولهم À مجانباً؛ إذ علمه من غيرهم اقتبسه، وفهمه من غير زنادهم ازدنده، فاشتبه أمره وأمر غيرهم، وكان علمه كعلم الذين تعلم من علمهم، وقوله كقول من نظر في قوله، وضوء نوره كضوء العلم الذي في يده، وكان هو ومن اقتبس منه سواء في المخالفة لأهل بيت رسول الله ÷ والاقتداء، وإن كان منهم في نسبه فليس علمهم كعلمه، ولا رأيهم فيما اختلف فيه الحكم كرأيه.

  والحجة على من خالف الأصل من آل رسول الله كالحجة على غيرهم من سائر عباد الله ممن خالف الأصول المؤصلة وجنب عنها.

  والأصل الذي يثبت علم من اتبعه، ويبين قول من قال به، ويصح قياس من قاس عليه ويجوز الاقتداء لمن اقتدى به، فهو كتاب الله تبارك وتعالى المحكم، وسنة رسول الله ÷، اللذان جعلا لكل قول ميزاناً، ولكل نور وحق


(١) في (أ، د): قول.

(٢) في (هـ، و): المذكور.

(٣) في (هـ): ولا.

(٤) في (هـ): عنهم.