مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

كتاب دعوة وجه بها إلى أحمد بن يحيى بن زيد ومن قبله

صفحة 591 - الجزء 1

  وأمر بالتواصل والإحسان، وأماط أفعال الجاهلية، ونفى عنهم ظلمة الحمية والعصبية، وبسط لأمته كنفي الرحمة الواسعة، وأكمل الله به على البرية النعمة السابغة، فمضى # في أمر الله قدماً، وجرد في أمر الله سبحانه مصمماً، حتى أثبت له على عباده الحجة بالتبيين لهم جميع ما افترض الله عليهم، والإعذار في ذلك والإنذار والتوقيف لهم على معالم دينهم وجهاد من عَنَد عن سيرته منهم، حتى إذا اعتدل عمود الدين وتعلق به جميع المسلمين وسطع نوره ووضحت وشرعت أموره، وتقشع عن الحق الثبج⁣(⁣١)، وكملت به وبرسوله الحجج - اختار الله لنبيه صلى الله عليه دار النعيم والسرور، ونقله من دار التعب والنصب والغرور، فقبضه الله سبحانه سعيداً، قد بيّن للأمة ما له خُلقوا، وأوضح لهم ما إليه دعوا، وأوقفهم على ما به أمروا.

  وكان⁣(⁣٢) أفضل ما افترض الله عليهم وجعله حجة مؤكدة فيهم الجهاد في سبيله، والأمر بالمعروف الأكبر، والنهي عن التظالم والمنكر، ولذلك امتدح⁣(⁣٣) الله به الأنبياء المرسلين وذلك قوله: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٥٧}⁣[الأعراف]، ويقول: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ٤١}⁣[الحج]، ويقول سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ


(١) الثبج: اضطراب الكلام وتعمية الخط وترك بيانه. وله في القاموس معان، وهذا أنسب للمقام والله أعلم. هامش (أ).

(٢) في (أ، ب، هـ): فكان.

(٣) في (ب، هـ): مدح.