مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

كتاب دعوة وجه بها إلى أحمد بن يحيى بن زيد ومن قبله

صفحة 594 - الجزء 1

  الأحكام، وذلك فلا يكون إلا بإمام [عادل]⁣(⁣١) مفترض الطاعة، ولا⁣(⁣٢) يكون إلا من آل محمد صلى الله عليه وعليهم، الذين استنقذ الله بهم الأمة من شفا الحفرة، وجمع بهم كلمتها، وألف بين قلوبهم⁣(⁣٣) من بعد الافتراق والاختلاف، والتشاجر وقلة الائتلاف، فأصبحوا بنعمة الله على الحق مؤتلفين، ولما كانوا عليه من الكفر مجانبين، يعبدون الرحمن من بعد عبادة الأوثان، ويقرون بمحمد #، داخلين في النور والإسلام، ناجين من عبادة الشيطان، تالين لآيات القرآن، يتلونه آناء الليل وأطراف النهار، ويقرون بالربوبية للواحد الجبار، قد اختار الله لهم منهم أئمة هادين، وجعلهم من ولد نبيه خاتم النبيئين، وفي ذلك ما يقول: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}⁣[القصص: ٦٨]، من أهل النبوة وموضع الرسالة ومعدن الحكمة وبيت النجاة والعصمة، الذين أمر الخلق باتباعهم، والكينونة معهم دون غيرهم، وذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ١١٩}⁣[التوبة].

  وفيهم وفي آبائهم ما يقول سبحانه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ٥٥}⁣[المائدة]، فجعل الولاية لهم خاصة، وثبَّت الإمامة فيهم، وأنزل الوحي عليهم بذلك، وفيهم يقول رسول الله ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» فبين بذلك أنه من تمسك بهم نجا، ومن تخلف عنهم هوى.

  وفيهم يقول ÷: «ما أحبنا أحد فزلت به قدم إلا ثبتته قدم حتى ينجيه الله تعالى يوم القيامة»، وفيهم يقول: «إن مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح،


(١) زيادة من (ب، هـ).

(٢) في (ب، هـ): وذلك لا.

(٣) في (ب، هـ): قلوبها.