مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الإمام المفترضة طاعته]

صفحة 596 - الجزء 1

  ذلك لجده، ولما ذكر الله من أمره، حيث يقول سبحانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١٢٨}⁣[التوبة]، الشجاع السخي، الفارس الكمي.

  فإذا كان كذلك ثم دعاهم إلى نفسه والقيام لله بحقه، وجبت على الأمة طاعته، وحرمت عليهم معصيته، ووجبت عليهم الهجرة إليه، والمجاهدة بأموالهم [وأنفسهم]⁣(⁣١) معه وبين يديه، وكانت طاعته والهجرة إليه والمجاهدة بأموالهم معه والتجريد في أمره وبذل الأموال والأنفس والمبادرة إلى صحابته والكينونة تحت كنفه - فرضاً من الله على الخلق، لا يسعهم التخلف عنه ساعة، ولا التفريط في أمره فينة، إلا بعذر قاطع⁣(⁣٢) مبين عند الله سبحانه، من مرض أو عرج أو عمى، أو فقر مدقع عن اللحوق به مانع، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}⁣[التوبة: ٤١]، فمن كان على واحدة من هذه الأربع الخصال جاز له التخلف عند الواحد ذي الجلال، ومن⁣(⁣٣) لم يكن كذلك وجب عليه فرض المهاجرة والقتال، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا ١٧}⁣[الفتح]، ويقول سبحانه: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ٩٢}⁣[التوبة]، فجعل الله لمن كان على مثل هذه الحال من الفقر في تخلفه عن الجهاد مع المحق من آل رسول الله ÷ العذرَ.


(١) زيادة من (أ).

(٢) في (ب، هـ): نافع.

(٣) في (د): وإن.