[الإمام المفترضة طاعته]
  ذلك لجده، ولما ذكر الله من أمره، حيث يقول سبحانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١٢٨}[التوبة]، الشجاع السخي، الفارس الكمي.
  فإذا كان كذلك ثم دعاهم إلى نفسه والقيام لله بحقه، وجبت على الأمة طاعته، وحرمت عليهم معصيته، ووجبت عليهم الهجرة إليه، والمجاهدة بأموالهم [وأنفسهم](١) معه وبين يديه، وكانت طاعته والهجرة إليه والمجاهدة بأموالهم معه والتجريد في أمره وبذل الأموال والأنفس والمبادرة إلى صحابته والكينونة تحت كنفه - فرضاً من الله على الخلق، لا يسعهم التخلف عنه ساعة، ولا التفريط في أمره فينة، إلا بعذر قاطع(٢) مبين عند الله سبحانه، من مرض أو عرج أو عمى، أو فقر مدقع عن اللحوق به مانع، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: ٤١]، فمن كان على واحدة من هذه الأربع الخصال جاز له التخلف عند الواحد ذي الجلال، ومن(٣) لم يكن كذلك وجب عليه فرض المهاجرة والقتال، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا ١٧}[الفتح]، ويقول سبحانه: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ٩٢}[التوبة]، فجعل الله لمن كان على مثل هذه الحال من الفقر في تخلفه عن الجهاد مع المحق من آل رسول الله ÷ العذرَ.
(١) زيادة من (أ).
(٢) في (ب، هـ): نافع.
(٣) في (د): وإن.