مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[فيمن تكون الإمامة بعد الحسنين @]

صفحة 59 - الجزء 1

  تضلوا من بعدي أبدا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

  وقال سبحانه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}⁣[الأحزاب]، فبين الأمر سبحانه فيهم وأوضحه؛ {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ١٦٥}⁣[النساء]، ومحمد من ولد إسماعيل بن إبراهيم، وكذلك ذريته.

  ثم قال سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}⁣[فاطر: ٣٢]، فورثة الكتاب: محمد وعلي والحسن والحسين [$(⁣١)]، ومن أولدوه من الأخيار.

  ثم قال في ولدهم: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ}⁣[فاطر: ٣٢]، ففيهم إذ كانوا بشراً ما في الناس، وقال: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}⁣[هود: ١١٣]، كما قال في ولد إبراهيم وإسحاق صلى الله عليهما: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ١١٣}⁣[الصافات].

  وكان فيما بين الله ø لخليله إبراهيم صلى الله عليه؛ إذ قال لإبراهيم: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ...} فقال له ربه: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}⁣[البقرة: ]، ثم قال: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ١٨}⁣[هود]، وقال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ٤٤}⁣[المائدة]، و {الظَّالِمُونَ ٤٥}⁣[المائدة]، {الْفَاسِقُونَ ٤٧}⁣[المائدة].

  وأن الإمام من بعد الحسن والحسين من ذريتهما من سار بسيرتما، وكان مثلهما، واحتذى بحذوهما، فكان ورعاً تقياً، صحيحاً نقياً، وفي أمر الله سبحانه مجاهداً، وفي حطام الدنيا زاهداً، وكان فَهِماً لما يُحتاج إليه، عالماً بتفسير ما يرد عليه، شجاعاً كمياً، بذولاً سخياً، رؤوفاً بالرعية، متعطفاً متحنناً حليماً، مساوياً لهم بنفسه، مشاوراً لهم في أمره، غير مستأثر عليهم، ولا حاكم بغير حكم الله فيهم، قائماً شاهراً لنفسه⁣(⁣٢)، رافعاً لرايته مجتهداً، مفرقاً للدعاة في البلاد، غير


(١) زيادة من (ب).

(٢) في (ب): لسيفه.