[الوعيد على من تخلف عن القائم]
  الله، وآلم تنكيلاً ممن لم يعرف ما افترض الله عليه في الجهاد، فهو يتكمه في البلاء متحيراً عما اهتدى إليه غيره من العباد، فنعوذ بالله من التخلف عن أمره والصد عن سبيله.
  فلا صدَّ يرحمك الله أصدُّ ولا جرم عند الله أشدُّ من جرم من تخلف عن الحق، ممن ينظر إليه من السواد الأعظم من الكبراء، وبه تقتدي العوام من العلماء والجهلاء، بل تخلف من كان كذلك ثم تخلف فقد عطل ورفض الحق، واضعف دعوة الصدق؛ لأن كثيراً من ضعفة المؤمنين يقتدون بأفاعيله؛ لثقتهم به واتكالهم على رأيه، ونظرهم إلى عزيمته؛ إذ قصرت عزائمهم، وصغرت عن كثير من ذلك بصائرهم، فهم له أتباع في كل أمره، لا يعدلون عن قوله ورايه، ولا يفعلون إلا بفعله، وإن نهض نهضوا، وإن أقام أقاموا، وإن نصر نصروا، وإن خذل خذلوا، وكلهم مأخوذ بنفسه؛ إذ هو مقصر عن مدى غيره، والمنظور إليه منهم فمأخوذ بهم إن علم أنهم إليه ينظرون وإياه يبصرون(١).
  فيا ويل من تخلف عن الله وخالف الهدى، وركن إلى الأولاد والدنيا، أما سمع قول الله تعالى فيما نزل من القرآن الكريم حين يقول لرسوله ÷: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ...} الآية [الفتح: ١٦]، فأوجب لمن اتبع الجزاء الحسن والثواب، ولمن تخلف عن ذلك أليم العقاب، فنعوذ بالله من البلاء والحيرة والشقاء، والركون إلى ما يزول ويفنى والأثرة له على ما يدوم ويبقى، فهذه سبيل من تخلف عن فروض الواحد الجليل.
(١) في (هـ): ينصرون.