مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الحث على إجابة الدعوة]

صفحة 603 - الجزء 1

  له عليهم الحجة إلى يوم الدين، وما كان علي إلا ما كان على جدي [من قبلي]⁣(⁣١) محمد ÷ الرسول الأمين من التبليغ والاجتهاد في الدين، {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ١٨}⁣[العنكبوت].

  فرحم الله من نظر في أمره، وقاس شبره بِفِتْرِه⁣(⁣٢)، فقد اسفر الحق عن وجهه قناعه، ونادى بأعلى صوته أتباعَه، وقامت الحجة للرحمن على كل من خلق من الإنسان، فماذا بعد الحق إلا الضلال، ولا دون المعتدل إلا المائل، ولا بعد الجدة والشدة والقوة والشباب إلا الضعف والانبتات والزوال والذهاب، ولا بعد دار الدنيا الفانية إلا الآخرة الدائمة الباقية، وما بعد العمر إلا انقطاع الأجل، وما بعد الموت إلا البلاء والامحاق، ولا بعد الامحاق إلا يوم التلاق، {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ٣٠}⁣[آل عمران]، ذلك يوم وقوع الجزاء على ما تقدم من العمل في الدنيا، فيفوز المحقون بأعمالهم، ويخسر المبطلون، ويهلك المسرفون بأفعالهم، {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ٢٣}⁣[الفرقان]، {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ١٦٠}⁣[الأنعام]، ذلك يوم الحسرة والندامة، وطلب الإقالة حين لا إقالة، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}⁣[الزلزلة]، ذلك يوم تشخص فيه الأبصار، وتظهر فيه الأشرار⁣(⁣٣)، ويحكم فيه بالحق الجبار، {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ٨٨ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ٨٩ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ٩٠ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ٩١}⁣[الشعراء]، وهم يصطرخون فيها نادمين يقولون: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا


(١) ما بين المعقوفين سقط من (ب).

(٢) الفِتْر: ما بين طرف الإبهام أو طرف السبابة إذا فتحها. معجم وسيط.

(٣) في (أ، هـ، د): الأسرار.