مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الحث على إجابة الدعوة]

صفحة 605 - الجزء 1

  كيف يقيسون شيئاً من أعمال العباد إلى ما ذكر الله سبحانه من الجهاد؟! هيهات هيهات بَعُد القياس ووقع على الجهلة الالتباس، وحبطت بلا شك أعمال المتخلفين، وخسر الراكنون إلى الدنيا، المؤثرون لما يزول ويفنى، المتشبثون بالأموال والأولاد والأهلين، وهم أحد اليومين لذلك مفارقون، ولما تشبثوا به تاركون، وعما⁣(⁣١) آثروه على ربهم والجهاد في سبيله رائحون، وفي أولئك ومن كان من الخلق كذلك ما يقول الرحمن الرحيم فيما نزل من القرآن العظيم: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ٢٤}⁣[التوبة].

  فمهلاً أولئك مهلاً عن التخلف عن الله والاجتراء، هلموا إلى الأمر بالمعروف الأكبر، والنهي عن التظالم والمنكر، هلموا إلى قسم فيئكم عليكم، وإحياء كتاب الله وسنن رسوله فيكم، هلموا إلى غناء فقرائكم، والأخذ بالحق في أغنيائكم، هلموا إلى أخلاق المسلمين، والاقتداء بمن مضى من الأئمة المجاهدين، هلموا إلى الطلب بكتاب الله، والانتصار من أعدائكم، هلموا إلى نصر الله ونصر الحق والمحقين، هلموا إلى جهاد الفسقة الظالمين من أهل قبلتكم من جبابرتهم من الأشراف وغيرهم.

  ألستم ترون - عباد الله المخلصين والقائلين في الله بالتوحيد، المقرين بما ذكر الله في الوعد والوعيد - إلى دينكم مقتولاً؟ وإلى الحق الذي أنزله على نبيكم مخذولاً؟ حكم الكتاب معطلاً بينكم، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معدوم فيكم؟


(١) في (هـ): وعلى ما.