[الحث على إجابة الدعوة]
  ترتع أعداء الله في جنى أموال المسلمين، قد أمنوا من تغييركم عليهم، ويئسوا من نكايتكم فيهم، وبسطوا أيديهم عليهم، وحكموا بحكم الشيطان فيهم، {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ٤٩}[البقرة].
  حرموهم(١) فيئهم، واصطفوا مع ذلك أموالهم، وأجاعوا بطونهم، وأعروا ظهورهم، وأضاعوا سبيلهم، وأخافوهم على أنفسهم، يحتفون(٢) أموالهم، ويقتلون رجالهم، يمنعونهم النَصَف، ويسومونهم الخسف، هتكاً للحريم وتمرداً على الله العظيم.
  إن شهدوا لم يصدقوا، وإن سالموا لم يتركوا، أعزاؤهم عندهم أذلة، وعلماؤهم عندهم جهلاء، وحلماؤهم عندهم سخفاء، وعبَّادهم لديهم سفهاء.
  قد جعلوا فيئهم بينهم دولاً، وأولادهم لهم خدماً وخولاً، يشبعون ويجوعون، ويسعون(٣) في رضاهم ومصالحهم، ويسعون في هلاكهم وسخطهم، فهم لهم خدم لا يُشكَرون، وأعوان لا يؤجرون.
  هممهم همم حميرهم، هممهم همم ما واروه في بطونهم وباشروه بفروجهم، واستغشوه على ظهورهم، نهارهم دائبون في إخمال الهدى والحق، وليلهم في التلذذ والطرب والفسق.
  فراعنة جبارون، وأهل خيلاء فاسقون، إن استرحموا لم يرحموا، وإن استنصفوا لم ينصفوا، وإن خوفوا لم يخافوا، وإن قدروا لم يبقوا، وإن حكموا لم يعدلوا، وإن قالوا لم يصدقوا.
  لا يذكرون المعاد، ولا يرحمون العباد، ولا يصلحون البلاد، رافضون
(١) في (د): حرموا.
(٢) من الحتف.
(٣) في (ب، هـ): ويشفعون.