مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الحث على إجابة الدعوة]

صفحة 610 - الجزء 1

  تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ٧٣}⁣[الأنفال]، فإنهم إخوان من مضى من إخوانهم في ارتكاب الردى، والجري في ميادين الهوى، والصد عن أبواب الهدى، أهل الفسق والبغي، حزب الشيطان، أهل الجرأة على الله بالمخالفة والعصيان.

  واعلموا رحمكم الله أن حكم الله فيهم وفيمن كان قبلهم واحد، وسنته في الفسقة الأولين كسنته في الظلمة الآخرين، وفي ذلك ما يقول رب العالمين: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ٢٣}⁣[الفتح]، وقال سبحانه: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ٣٨}⁣[الأحزاب].

  ألستم ترون رحمكم الله إلى أبواب النصر قد فتحت، وعلامات ما تؤملون من دولة آل رسول الله قد أقبلت، ودلالات ملكهم قد شرعت، وأسباب ما وعد الله به نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ قد ثبتت، وعلامات هلاك عدوهم قد وضحت، وبوادر الرحمة قد أقبلت، وإياكم قد أجنت وأظلت، ولكم بالنصر والتوفيق قد قصدت؟ فأقبلوا إليها ولا تدبروا، وتلقوها بقبولها قبل أن تندموا.

  ألستم ترون ما قد صار إليه أعداء الله وأعداؤكم من النقص والخذلان والضلال والنقصان؟ فهم كل يوم يرذلون، وكل شهر ينقصون، وكل عام يفتنون، وقد تلعبت بهم عبيدهم، واجترأت عليهم ساستهم، فصاروا يسومونهم سوء العذاب، يقتلون من شاءوا منهم، ويقيمون من أرادوا منهم، يجبون الأموال لأنفسهم، وقد تسلط عليهم شرارهم وأعوانهم وعبدانهم، فلا مال عندهم ولا رجال في جوارهم، ولا أمر ولا نهي لهم، ليس في أيديهم ولا لهم بلد يجوز⁣(⁣١) فيه أمرهم غير بعض القرى قد أحل فيهم الأعراب واستباحت ما قدرت عليه من رعيتهم، ينهبون حواشيهم، ويخيفون سبيليهم، ويقطعون


(١) في (ب، هـ): ينحون. وفي (أ): يمجون. وظنن بـ (يمضون). وفي (د): يجوز. وفسرها في الهامش بـ (يجمعون).