[جواب مسألة: المعنى الذي يجوز معه أن يؤثر بالزكاة بعض الأصناف]
  وعلمنا أنا إن آثرنا [بها](١) من به قوام الدار من أهل الإسلام من المهاجرين والأنصار، استوسقت(٢) السبل، وأمنت البلاد، وعاش العباد، وتجر(٣) التجار، وعمرت الديار، وزرع الزارعون، وتقلب المتقلبون، واستغنت الرعية، وحسن حال البرية؛ فعاش بينها أهل الصدقة من هؤلاء الأصناف المذكورين، وسخا الأغنياء بالعطية للطالبين، وتقلب الفقراء والمساكين في دار الأغنياء الواجدين، وتكسبوا معهم، وأصابوا من فضلهم، وحسنت بصلاح دارهم حالهم، واستقامت لعز الإمام أمورهم.
  فلهذا المعنى قسمنا الصدقة عندما يستغني عنها الإسلام والمسلمون، وحبسناها عند ما يحتاج إليها ويضطر الأنصار والمجاهدون، نظراً منا للرعية، واحتياطاً في الحياطة للبرية، وأداءً إلى الله سبحانه النصيحة لعباده، وإحساناً وأداء إليه ما استأمننا عليه من أموال بلاده(٤)، فصرفناها في إصلاح الدين والمسلمين، ورددناها على الأصناف من المسلمين حيناً(٥)؛ اجتهاداً لله في النصيحة، وتأدية منا إليه ما حملنا من الأمانة؛ إذ كنا عن ذلك مسؤولين، وبإحسان النظر للإسلام والمسلمين مأمورين، وعن التفريط فيما يصلح البلاد منهيين.
  وسأضرب لك إن شاء الله ولمن عقل صواب رشدنا قولاً ومثلاً يبين لك حقائق علمنا، فليس كل متكلم مصيباً في قوله، ولا كل منتحل للعلم عالماً لكل ما يحتاج إليه، {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ٧٦}[يوسف]، ومن طعن بغير علم على أولياء الله كان آثَمَ أثيمٍ - ما يقول وما يذهب إليه الطاعن علينا بما لا يعلم متأول: في رجل متولٍّ لأمور أيتام تحت يده، مسكنةٍ صغارٍ، من ضَعَفَةٍ لهم أرضٌ
(١) (بها) سقط من (ب).
(٢) استوسق الشيء: إذا اجتمع وانضم. معجم وسيط.
(٣) في (ب): واتجر.
(٤) في (هـ): الأموال في بلاده.
(٥) في (ج، هـ، و) بدل حيناً: حيثما كانوا.