مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[جواب مسألة: المعنى الذي يجوز معه أن يؤثر بالزكاة بعض الأصناف]

صفحة 628 - الجزء 1

  بعضها أعناب وبعضها حرث، فاستغل لهم من ذلك العنب زبيباً، ثم حدث في العنب والحرث حدث من سيل فأخرب الحرث، أو نار أحرقت العنب وخشبه، أكان الواجب عندك في دين الله وفرضه، وما حكم على ولي اليتامى في⁣(⁣١) حكمه؟ أن يصلح حرثهم وعنبهم بما قد أخذ من الثمر⁣(⁣٢) قبل خراب الحرث والعنب وينفقه ويرده عليه، ولو مدوا أيديهم لطلب الصدقة، وبدت منهم في تلك السنة الخصاصة والحاجة، حتى يصلح عنبهم إذا رد فيه ما احترق من خشبه، ويصلح أرضهم إذا عمرت، فتغل⁣(⁣٣) أرضهم وعنبهم في كل سنة من بعد صلاحه ما يعيشون به، ويرجع نعيمهم إذا رجعت عليهم⁣(⁣٤)، ويكمل حسن حالهم بصلاح أموالهم؟ أم تُترَك أرضهم وعنبهم خراباً، ويخليها فاسدة يباباً، وينفق الغلة التي أنفقها في صلاح مالهم عليهم فيأكلونها سنتهم، ويهلكون في طول عمرهم؛ إذ قد خربت أموالهم؟

  فإن قلت: ينفق عليهم هذه الغلة وتخرب أموالهم، فقد قلت قولاً شططاً، وحكمت في ذلك بغير الحق حكماً؛ إذ لم تحسن لها ولا⁣(⁣٥) الأيتام نظراً، ومن لم يحسن النظر لأيتامه فقد باء عند الله بعبء آثامه، وشهد عليه جميع الرجال بالقول الفاحش والمحال.

  وإن قلت: بل يعمر ضياعهم ويحيي أموالهم بهذه الغلة اليسيرة؛ ليلحقوا بذلك في أموالهم المعيشة⁣(⁣٦) الكثيرة الدائمة الكافية الغزيرة، فقد أصبت في قولك، وقلت حقاً في حكمك، وفعلت ما يصوبك فيه الجهلاء فضلاً عن أهل العقول من العلماء.

  فإذا قلت بذلك من الحق وتكلمت فيه بقول الصدق، فكذلك فقل في فعلنا


(١) في (ب، هـ): من.

(٢) في (د): الثمن.

(٣) في (أ، د): فتعمل، وظننت في الهامش: فتغل. وهو الصواب.

(٤) في (هـ): غلتهم.

(٥) في (أ، ب) (لهؤلاء).

(٦) في (أ، ب) (العيشة).