مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

جواب مسألة لرجل من أهل قم

صفحة 636 - الجزء 1

  وله أيضاً ~:

جواب مسألة لرجل من أهل قم

  

  قال يحيى بن الحسين ~: سألت عصمنا الله وإياك بعصمته، ووفقنا وإياك لمرضاته، وجعلنا وإياك من أهل طاعته، وختم لنا ولك بمغفرته، ونجانا وإياك من حيرة هذا الدهر برحمته - عن معرفة الله تبارك وتعالى ما تصرفها في الخلق وكيف تكوينها في العباد، وما محلها في الأجساد، وهل هي من أفعال المخلوقين؟ أم هي خلق لأحسن⁣(⁣١) الخالقين؟ غريزة ركبها في عباده، فجعلها سبحانه كما خلق وركب وجعل فيهم من العقول؟

  واعلم هداك الله أن المعرفة هي كمال العقل والعمل به، فإذا كمل العقل وصح واستعمل تفرعت منه المعارف والأفهام، لذوي الفكر والأحلام، ومتى عدمت من الآدميين الألباب، لم تصح فيهم المعارف بسبب من الأسباب، بل تكون بنأيه أنأى من كل ناء، وبدنوه أدنى من كل داني، تحضر بحضوره وتعزب بعزوبه، محتاجة إليه، وهو فغير مضطر ولا محتاج إليها، متفرعة من فروعه، كامنة في أصوله، كاينة بكينونته، وهو فغير متفرع منها ولا محتاج مضطر إلى كينونتها، بل هو مقيد العماد، راسخ الأوتاد، فكل معرفة كانت من العباد بالأزلي الخالق الجواد، فبالعقول استدركها المستدركون من ذوي الألباب، واستخرجها المستخرجون، ووقف على حدود شرائعها العالمون، وعلى ذوي العقول افترضت معرفة الله وعبادته، وهم الذين ينالون بأداء فرائض الله ثوابه، ويستحقون برفضها - دون غيرهم ممن سلب لبه - عقابه، فالعالمون من ذوي الألباب هم المجازون بالحسنة الحسنات، وبالسيئات من الأفعال السيئات.


(١) في (ب، هـ): أحسن.