جواب مسألة لرجل من أهل قم
  يتفرع من الكف من الحركة مما يؤدي إلى رفع أو وضع، أو ما يتفرع من حركات الرِجْل من مشي أو عَدْو، أو ركوب أو نزول، أو غير ذلك.
  وكل أداة ففعلها متفرع منها، وتفرعه فهو خرجوه، وكلُ فعلِ أداةٍ فغير كائن بغيرها من الأدوات، ولن يوجد إلا بوجودها، ويتغير بتغيرها، ويزيد بزيادتها، ويكمل بكمالها، ويعدم بعدمها، ويدخل عليه من الضرر ما يدخل عليها، وكذلك تفرع المعرفة من العقل وكسبها به، كتفرع الحركات من الأدوات، توجد بوجوده، وتعدم بعدمه.
  والعقل: فهو خلق الله وتركيبه في عباده، والمعرفة: فهي أفعال المخلوقين، متفرعة من العقول، فكل من أعمل عقله في شيء من آيات الله قاده إعماله لعقله من معرفة الله تبارك وتعالى إلى أبين بيان، وتبين له بما يتفرع من المعرفة بالله أنوار البرهان، فيثيب الله من قَبِلَ ما دُلّ عليه - مما تفرع من مركب لبه الذي جعله الله فيه - من المعرفة بالله ø، فإذا ميز وأعمل النظر في صغير آيات الله دون كبيرها، فعلم أن لها خالقاً كريماً، ومدبراً عليماً، فقبل ذلك بأحسن القبول، فاستوجب من الله الزيادة والتوفيق، ويعاقب من كابر لبه وأنكر آيات ربه فاستوجب بذلك منه الخذلان، وتمكنت منه وساوس الشيطان، كما يثيب من عمل بكفه خيراً، ويعاقب من اكتسب بها شراً.
  وأما استعمال العقل فهو الفكر به، والنظر والتمييز بين الأشياء، والبصر(١) فيها وفي تركيبها وتدبيرها وحسن تقديرها، حتى يقوده ويدله ما يتفرع من لبه عند استعماله له على معرفة علام الغيوب، ومقلب ما يشاء من القلوب.
  فإذا ثبت عنده أن له خالقاً ومصوراً، ولجميع الأشياء فاطراً ومدبراً، وجب عليه أن ينظر في كتاب الله تبارك وتعالى، ويسأل العلماء عما ذكر الله من كرسيه
(١) في (ب، هـ): والنظر.