مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

جواب مسألة لرجل من أهل قم

صفحة 639 - الجزء 1

  وعرشه، ويده ووجهه، حتى يبينه⁣(⁣١) كل عالم بما يحضره من الجواب.

  والسؤال فواجب عليه لقول الله تبارك وتعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٤٣}⁣[النحل]، وهم آل محمد صلى الله عليه وعليهم، فإذا أنبي عما يسأل وجب عليه أن يتفكر بعقله فيضيف إلى الله سبحانه من الأشياء ما هو أولى به، وينفي عنه الشبهات التي تكون في خلقه، ويعلم أن ليس كمثله شيء كما قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى].

  فإذا علم أن الله واحد أحد، وأنه مباين للأشياء كلها، مخالف لها غير مشاكل لما خلق، لا يحويه مكان، ولا يشغله شأن عن شأن، وهو بالمرصاد كما قال سبحانه - وجب عليه أن يعلم أنه عدل لا يجور، فإذا علم ذلك فقد أكمل معرفة ربه سبحانه.

  فإن قال قائل: فإنا نجد المعرفة باينة من العقل لا تدل على صفات الله، ولا يقف صاحبها عليها من غير تعريف ولا سؤال، فقال: إن المعرفة إنما هي تعليم من بعض لبعض، مستغنية بنفسها [كما هي]⁣(⁣٢) غير محتاجة إلى العقل؟

  قيل له: فأخبرنا عمن عمل شيئاً يجب على من أضافه إلى الله أن يكون ناسباً إلى الله الجور والظلم، وما يجب على من اعتقد أن يكون الله مشبهاً بخلقه؛ فقال بذلك واعتقده، هل يكون بالله عارفاً، ولله موحداً؟!

  فإن قال: نعم. كفر. وإن قال: لا.

  قيل له: أفرأيت إن اختلفت عليه الأقاويل فأمره⁣(⁣٣) قوم باعتقاد ما يلزمه به التشبيه والتجوير لربه، وأمره آخرون باعتقاد التوحيد والقول بالعدل،


(١) في (أ، ب، هـ): ينبئه.

(٢) زيادة من (ب، هـ).

(٣) في (ب، هـ): وأمره.