مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الدليل على أن الله خلق الأشياء لا من شيء]

صفحة 643 - الجزء 1

  وطلب ما ينفعه، وهو في صغره لو وضع قدامه تمرٌ وجمرٌ أو ملحٌ وسكر لكان حرياً بالأخذ للضار له منهما؛ لعدم عقله وذهاب معرفته وفهمه، ففي أقل مما ذكرنا إن شاء الله ما بين وكفى عن التطويل وشفى من كان مسترشداً تابعاً للهدى، والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله وملائكته وجميع الأنبياء والمرسلين من خلقه على محمد عبده ورسوله النبي الإمام الهادي المهدي، وعلى أهل بيته الطيبين الأخيار الصادقين الأبرار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

[الدليل على أن الله خلق الأشياء لا من شيء]

  وقلت: ما الدليل على أن الله خلق الأشياء لا من شيء؟

  والدليل في ذلك: أنه لا يخلو أن يكون خلق أصل الأشياء ومبتدأها من شيء، أو من غير شيء، فإن خلقها من شيء أزلي؛ فقد كان معه في الأزلية والقدم غيره من الأشياء، ولو كان ذلك كذلك تعالى الله عن ذلك لم تصح له الأزلية، وإذا لم تصح له الأزلية لم تصح له الوحدانية، وإذا لم تصح له الوحدانية لم تصح له الربوبية؛ لأن من كان معه شيء لا من خلقه فليس برب للأشياء كلها؛ إذ لم يكن لكلها خالقاً، فمن هاهنا صح أنه خلق الأشياء لا من شيء، وابتدع تكوين ابتداعها من غير شيء.

[العلة في بعثة الرسل]

  وقلت: لأي علة بعث الله الرسل؟

  وبعثهم ليكونوا حجة على خلقه، وليبلغوا من عنده ما تعبدهم به من فرضه؛ إذ مفروضاته سبحانه معقول ومسموع، فما كان من المسموع فلا بد فيه من مُسْمِع يؤديه وناطق به عن الله بما فيه وهم الرسل $، المؤدون إلى خلق الله رسائله، والمبلغون إليهم عنه مراده منهم، فلهذا المعنى من تأديتهم عنه بعثهم.

  تم ذلك والحمد لله كثيراً، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم.