مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

جواب مسائل أبي القاسم الرازي ¦

صفحة 647 - الجزء 1

  ولولا أنه قد ساوى بينهم فيما ينالون به معرفة ما افترضه عليهم، وأداء حججه التي احتج بها عليهم، ما كانت تجب له عليهم حجة، ولكن الله ø أعطى كلاً ما ينالون به أداء حجته، فساوى بينهم في إقامة الحجة عليهم، وإثبات البراهين في صدورهم بما يبلغون به فرضه، وينالون به معرفته.

  فإن كنت أردت هذا المعنى فقد ساوى الله بين الخلق⁣(⁣١) كلهم، فيما يكون به بلوغ حجته، وتمام منته، ونهاية أداء فرضه من العقول المركبة في صدورهم، الثابتة في قلوبهم، وأثبت بذلك عليهم كلهم حجته؛ لأن العقول المركبة فيهم من هذه الحجج اللازمة لهم - من فعل الله لا من فعلهم، ومن صنع الله ø لا من صنعهم، وتدبيره لا من تدبيرهم؛ فمبتدأ ما أعطاهم الله من حججه منه لا منهم.

  فلما أن صح أن هذه العقول المركبة في الخلق فعل الله، كان فعل الله في ذلك مشتبهاً، وكان تدبيره في إثبات الحجج عليهم متساوياً، فاشتبهت وتساوت حجج الله على خلقه، التي ركبها الله في صدور عباده، بعدله فيهم وإحسانه إليهم في مبتدأ أمرهم، كما استوت عليهم فروضه، ووجبت عليهم شرائعه، ولزمتهم بها عبادته، فكانت أصول ما أعطاهم من حججه فيهم سواء كما كانت فروضه عليهم كلهم سواء، فتساوى المعنيان [جميعاً]⁣(⁣٢) من الله في ذلك: معنى الفرض، والمعنى الذي ينال به الفرض، فكانت فرائض الله على عباده كلهم [سواء]⁣(⁣٣)، وجاء ما تعبدهم به منها سواء على المساوة والاستواء.

  وكذلك جاءت أصول ما أعطاهم الله من حجة العقل التي ينالون بها أداء


(١) في (د): خلقه.

(٢) (جميعاً) في (ج).

(٣) (سواء) سقط من (ج).