مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[من يجب عليه النفير والهجرة في سبيل الله]

صفحة 659 - الجزء 1

  ما يقول القائل⁣(⁣١): قام السوق، يريد: استوى وقام أمره، وحضر ما يطلب فيه ويبتغى من البيع والشراء، فهذا معنى ما أحببت علمه من ذكر الحساب والقيامة.

  وقلت: هل ما ذكر الله من ذلك وما شرح في يوم المعاد فعلٌ يكون ظاهراً، أو هو مثل ضربه الله للعباد؟

  ولن يكون ذلك أبداً مثلاً، وفيه وعيد الله ووعده، وثوابه لأوليائه وعقابه لأعدائه، بل أمر لاحق وبجميع الناس واقع، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ٢٢٧}⁣[الشعراء].

[من يجب عليه النفير والهجرة في سبيل الله]

  وسألت فقلت: من يجب عليه النفير في سبيل الله؟

  واعلم هداك الله أن النفير والهجرة في سبيل الله واجب على كل من عرفه ممن عدم أربعة أشياء وكان سالماً منها وهي: العرج والعمى والمرض والفقر، فمن لم يكن من أهل هذه الأربعة الأشياء فالهجرة عليه والنفير واجبان⁣(⁣٢)، والجهاد والقيام لازمان، لا يفكه عن فرضهما ولا يزيحه عن واجب أمرهما إلا القيام بهما والأثرة لهما، أو الكفر لمن⁣(⁣٣) افترضهما، كما قال الرحمن الرحيم فيما نزل من القرآن الكريم حين يقول تبارك وتعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤١}⁣[التوبة].

  ثم قال سبحانه قطعاً منه لحجج المتعللين وإعذاراً وإنذاراً إلى العالمين، وتثبيتاً لفرضه الأكبر، وإقامة لدينه الأوفر، وحضاً على ما به قوام الإسلام، وصلاح دين محمد عليه وآله الصلاة والسلام: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا


(١) في (ب، هـ): تقول العرب.

(٢) في (ج): واجبتان.

(٣) في (ب، هـ): بمن.